حدّ الاختيار و الاقتدار، كما ذهب العلّامة الخراسانيّ [1] و النائينيّ رحمهما اللّه [2] في الأسباب التوليديّة إلى أنّ المأمور به هو السبب، و المنهيّ عنه في الأسباب التوليديّة هو السبب، أو يكون مورد النهي المتعلّق بالمسبّب، و لذلك قال بحرمة السبب التوليديّ في مقدّمة الحرام.
و بالجملة: ذهب جمع من الفقهاء إلى امتناع تكليف الكفّار بالعبادات؛ لامتناع حصول القربة، و إلى عدم صحّة النذر دون اليمين؛ لاعتبار القربة في الأوّل دون الثاني، و ما ذلك إلّا للامتناع المشار إليه.
و يكفيك دفعا: أنّ التصرّف في ظواهر الأدلّة المقتضية لوجوب المسبّب، غير جائز إلّا في صورة اقتضاء العقل، و هو لا يدرك؛ لاختياريّة المسبّب بعد كون السبب اختياريّا، و الاقتدار على السبب يكفي لمقدورية المحصّل.
فالطهور و التملّك بالمعنى الحاصل المصدريّ و المسبّبي، و القتل، و احتراق الكتب الضالّة، و انكسار آلات اللهو و اللعب و القمار، و إن كان غير مقدور، إلّا أنّه يكفي لحفظ ظواهر الأدلّة اختياريّة السبب حتّى في الأسباب التوليديّة؛ ضرورة أنّ الحركة المتولّدة بما أنّها صادرة عن اليد، موضوع لانتزاع عنوان، و بما أنّها قائمة بالمفتاح موضوع لانتزاع العنوان الآخر، فالوجود و لو كان واحدا، إلّا أنّ هناك إضافتين، و التحليل العقليّ يكفي لوجوب التحفّظ على ظواهر الأدلّة، و عدم سراية النهي إلى السبب الصادر عنه الحركة، و هكذا عدم تقيّد المحرّم المسبّبي بالسبب، بل المحرّم منحصر بالمسبّب بما هو هو.
و لأجله ذهب المشهور إلى جواز تكليف الكفّار و عدم حرمة مقدّمة الحرام