و عندئذ تنحلّ المشكلة في القسم الثاني أيضا عقلا، فإذا وجد البقّ أو الفيل، و انعدم البقّ على تقدير هو يعلم بأنّ الحيوان كان موجودا، و هذا الحيوان هو ما في النفس مرآة للخارج المتشخّص أحيانا بالعرض و علما، و هو معلوم بالذات لما هو معلوم بالعرض، إلّا أنّه لتلك الخاصّة- و هي وحدة الطبيعة الذهنيّة و الخارجيّة- يصحّ أن يقال: «كان الحيوان موجودا، و الآن شاكّ في موجوديّته» فتتشكّل القضيّتان عقلا و عرفا. هذا في الشبهة الموضوعيّة.
و أمّا في الشبهة الحكميّة، فقد مرّ في القسم الأوّل إمكان ذلك بوجه أحسن [1]، فلا قصور ذاتا في جريان الاستصحاب، فلا ينبغي الخلط بين المعلوم بالذات و بالعرض و بين القضايا، فليتدبّر جيّدا.
و هكذا في الوضعيّات و الهليّات المركّبة كأن يعلم أنّه إمّا مديون لزيد بألف أو ألفين، فأعطاه الألف، فيشكّ فيقال: «كان مديونا لزيد، و الآن كذلك» لأنّه إن كان الألف فقد انقضى دينه، و إن كان أكثر فهو الباقي، كما يكون الأمر كذلك في موارد سبق العلم الإجماليّ أو تأخّره و غير ذلك.
فالمهمّ أنّه لا قصور في جريانه الذاتيّ عقلا، و لو فرض ذلك فعرفا، و هو المتّبع، إلّا على القول: بأنّه متّبع في المفاهيم التصوّرية دون التطبيق على الخارج، كما عن العلّامة الخراسانيّ و غيره في حواشيّه على البيع [2].
بقي بحث:
و هو يرجع إمّا إلى عدم الحاجة إلى الاستصحاب المذكور؛ لوجود قاعدة