وظائف شرعيّة و أحكام طريقيّة، لا نفسيّة حقيقيّة، فمفادها إمّا التنجيز و إمّا الإعذار، و هما يتقوّمان بالوصول حكما و موضوعا، و لا يعقل تعلّق التنجيز و الإعذار بموضوع تقديريّ غير موجود بالفعل، و لا ملتفت إليه، حيث إنّ الالتفات يساوق تحقّقه. انتهى ما هو مخّ مرامه.
و فيه: أنّ التساوق ممنوع، و التنجيز و التعذير لا يتعلّقان إلّا بما هما موجودان في الخزينة النفسانيّة، فهما موجودان بالفعل؛ لموجوديّة العلم في نفس العالم المغمى عليه، و إنّما تظهر الثمرة في أنّ الإنسان الكذائيّ محكوم بالجنابة حين الصلاة، فلو التفت بعد الصلاة إلى ما كان عليه تجب عليه الإعادة بحكم العقل. و في تتمّة كلامه مواضع للنظر، و إنّما نحن اقتصرنا على ما هو المقصود بالبحث.
و بالجملة: هما موجودان، فالاستصحاب واصل مغفول عنه.
و قال الوالد المحقّق- مدّ ظلّه-: «و ليس المراد من فعليّتهما تحقّقهما في خزانة النفس و لو كان الإنسان ذاهلا عنه، بل بمعنى الالتفات إلى يقينه السابق و شكّه اللاحق؛ لأنّ الاستصحاب كالأمارات إنّما اعتبر لأجل تنجيز الواقع ...».
إلى أن قال- مدّ ظلّه-: «فقوله: «لا تنقض اليقين بالشكّ» إنّما يصير حجّة على الواقع أو عذرا منه؛ إذا كان المكلّف متوجّها و ملتفتا إلى الموضوع و الحكم» انتهى مقصودنا من كلامه.
و يتوجّه إليهما: أنّه يلزم منه الدور المذكور في الأحكام التكليفيّة؛ فإنّ حجّية الاستصحاب مرهونة العلم بالحجّة، و العلم بها مرهون بالحجّية، و لعلّه لذا ذهب صاحب «الكفاية»- على ما قيل- إلى إنكار الأحكام الأربعة في الأحكام الطريقيّة، و «أنّ بعد مرتبة الإنشاء مرتبة التنجيز و التعذير، و هذان الأثران لا يترتّبان إلّا بعد