و أمّا الالتفات، فيحتاج إلى تقريب آخر؛ ضرورة أنّ اليقين بالطهور موجود، و الشكّ في محمول القضيّة الاولى أيضا موجود، إلّا أنّها مذهولة و مغفولة، لا أنّها فانية غير متحقّقة و معدومة، بل غير ملتفت إليها.
و لعلّ هذا هو الأنسب بأن يجعل محلّ البحث، فلا وجه لإقامة الدليل المذكور؛ ضرورة أنّه في مورد «أكرم العالم» إذا كان العلم موجودا، و العالم نائما أو مغمى عليه، يكون العلم مذهولا و مغفولا عنه فعلا، و وجوب الإكرام ثابتا.
و الكلام هنا ليس حول المشتقّات؛ لأنّ ما هو في الأخبار عنوان «اليقين» و «الشك» لا «المتيقّن» و «الشاكّ» كي يرجع البحث إلى واد آخر، و يطلع طلوعا ثانيا في البحث و الاستظهار. فعلى كلّ: لا وجه لاستدلالهم عندئذ لو اريد من الفعليّة هو الالتفات في مقابل الغفلة، لا الوجود في مقابل العدم.
و عندئذ يمكن دعوى: أنّ الشرع اعتبر في ظرف وجود الشكّ يقينا، و هو حجّة قهرا، أو ألغى الشكّ الموجود بإطالة عمر اليقين، و هما موجودان منسيّان، و نسيانه و الذهول عنه لا يرتبط بالواقع كسائر العناوين، فكما أنّ المكلّف بإكرام زيد العالم مكلّف فعلا بذلك؛ سواء كان ذاهلا، أو جاهلا، أو غافلا؛ لأنّه إنسان، و الإنسان البالغ العاقل مكلّف، كذلك اليقين و الشكّ ربّما يكونان موجودين مغفولا عنهما، و الوجود عين الفعليّة.
نعم، هو غير عالم بشكّه، و هذا أمر آخر يحتاج إلى بيان زائد غير ما يرى في بعض كلمات مثل الشيخ الأعظم [1] و العلّامة الخراسانيّ (قدّس سرّهما)[2] و تلامذتهما [3].