الأمر الثاني: حول تقسيم الجعل إلى البسيط و المركّب
قد حرّرنا: أنّ حديث تقسيم الجعل إلى البسيط و المركّب، صحيح بحسب اللغة [1].
و أمّا بحسب التحقيق: فإنّ اللّه يجعل وجود زيد، و يجعل حركة زيد، و تدريجيّة علم زيد و هكذا، و لا يجعل شيئا شيئا؛ من غير فرق بين أن يكون الشيء الثاني ملازما غير مفارق للشيء الأوّل، أو غير ملازم، فلا يجعل النار علّة و لا محرقة للقطن الكذائيّ، بل بجعل النار تجعل العلّية، أو يجعل علّية شيء لشيء بسيطا، فيظهر فساد ما في الكتب العقليّة [2]، فضلا عن الكتب الاصوليّة، فلا يجعل إلّا نجاسة الكلب، أو طهارة الماء، أو طهارة المغتسل به، أو جزئيّة الفاتحة، أو غير ذلك كملكيّة زيد لداره، و غير ذلك.
و أمّا بحسب اللغة، فالأمر المحرّر: أنّ الحقائق الحكميّة لا تقتنص من الإطلاقات العرفيّة و الاستعمالات السوقيّة، فلا يجعل زيد قائما، بل يجعل قيام زيد، و هكذا في المقولات و المحمولات بالضميمة.
هذا إذا نظرنا إلى الاعتبارات بعين العقل، و إلّا فالأمر فيها أوسع. و أمّا البراهين المنتهية إلى أنّه- تعالى- لا يريد و لا يجعل إلّا بسيطا، فتطلب من محالّها.
الأمر الثالث: في توقف الاعتبارات على الاحتياج العقلائي
إنّ ما يقرع سمعك في العلوم الاعتباريّة من المفاهيم البسيطة و المركّبة، كلّها
[1]- الظاهر أنّ هذا البحث في قواعده الحكميّة و هي مفقودة.
[2]- الحكمة المتعالية 1: 396، شرح المنظومة، قسم الحكمة: 56.