نقشة الامور التكوينيّة، و لا تجد- حسب الاستقصاء- ابتكار مفهوم فيها من المفاهيم في المعاملات و العبادات، و مفاهيم الأجزاء بالحمل الأوّلي، و المركّبات بالحمل الشائع، بل كلّ هذه الامور الاعتباريّة اتخذت من الامور التكوينيّة.
مثلا: مفهوم «الملكيّة» اتخذ من الملكيّة الحقيقيّة الثابتة للّه تعالى، أو للنفس بالنسبة إلى قواها، و مفهوم «المبادلة» في البيع الاعتباريّ اتخذ من التبادل الخارجيّ، و مفهوم «السبب، و السببيّة، و النكاح، و الزواج، و الطلاق» من مصاديقها الخارجيّة البدويّة، ثمّ بعد اتساع دائرة الحضارة البشريّة، اتسعت مصاديق اعتباريّة لتلك العناوين، التي نالتها العقول عن الخارج بسبب الإحساس و اللمس.
و على هذا، لو اعتبرت السببيّة أو الحجّية أو الجزئيّة أو الكلّية و الحرّية و غير ذلك، فكلّها ناشئة عن الاحتياج في الحضارة و المدنيّة، و لأجل ذلك- احتمالا- قالوا في حجّية غير القطع بالتنزيل [1]، مع أنّ الأمر ليس كذلك، بل اتسعت مصاديق الحجّة للحاجة إليها.
الأمر الرابع: في بيان حقيقة الأحكام الوضعيّة
بعد ما عرفت هذه المسائل، تكون الأحكام التكليفيّة بمصاديقها- و هي الأوامر و النواهي و البواعث و الزواجر الإنشائيّة- واضحة، كما تحرّر في المجلد الأوّل.
و أمّا الأحكام التكوينيّة فهي عين التكوين و الخارج، فإنّ إرادته- تعالى- فعله، فالحكم التكوينيّ مقابل التشريعيّ في وجه، و إلّا فالتشريع من تبعات التكوين، و تفصيله خارج عن ديدن هذه البحوث.