منتف» أو يقال: «فليمض على يقينه الذي كان موجودا و انعدم فعلا» أو يقال: «و لا يدفع اليقين الموجود في السابق بالشكّ الساري إليه» فإنّ جميع هذه الجمل صحيحة، و لا يلزم مجاز، و لا يبقى وجه لما توهّم من رجوع ضمير «أصابه» إلى نفس اليقين، لما لا يعقل الشكّ فيه.
و يعلم: أنّ إرادة المتيقّن من «اليقين» [1] غير جائزة لغة؛ لأنّه ليس مصدرا، بل هو اسم للعلم الحاصل بالاستدلال و النظر، فليس من قبيل المصادر المراد بها المفعول أو الفاعل فاغتنم؛ فإنّ فيما ذكرنا غنى و كفاية وضوء جدّا.
و بالجملة: ما هو المعتبر في حجّية الاستصحاب و القاعدة، مستفاد من الرواية: و هو سبق اليقين على الشكّ زمانا أو رتبة، و فعليّتهما في ظرف وجودهما المصداقيّ، دون تقدير اليقين و الشكّ. و أمّا اعتبار وجود اليقين و بقائه في ظرف الشكّ، فليس بمعتبر في الحجّية، و إن كان فرق الاستصحاب عن القاعدة مخصوصا بهذه الجهة اصطلاحا.
و توهّم اقتضاء كثرة الابتلاء بالاستصحاب و اقتضاء المقايسة بين الرواية و سائر الأخبار- بضميمة ظهور الرواية- أنّه على يقينه في ظرف الشكّ، في غير محلّه؛ لممنوعيّة الانصراف، و أنّه لا معنى للمقايسة بعد أعمّية تلك الأخبار. مع أنّ الكلام في دلالة كلّ واحد منها مستقلّا، و أنّه لو كان النظر إلى اعتبار الفعلية المذكورة لكان ينبغي أن يقول (عليه السلام): «فليمض على اليقين» كي يعلم منه أنّ المراد نفس ذلك اليقين الموجود دواما و بقاء، فعدم الإتيان بأداة العهد الذكريّ يشهد على خلافه.
و غير خفيّ: أنّ معنى الظهور هو الوضوح، فلو كان مخفيّا على من سبق على «الدرر» (رحمه اللَّه) و الوالد مثلا- مدّ ظلّه- فكيف يكون واضحا ظاهرا؟!