و لكنّ الإضرار بالجار المحرّم محكوم بقاعدة «لا ضرر» لأنّ حرمة الإضرار ضرريّة، و عند ذلك تقع المشكلة في أنّ قاعدة «لا ضرر» إن كانت حاكمة على قاعدة السلطنة، فلا حقّ له كي يتصرّف و يلزم منه ضرر الجار.
و إن كانت حاكمة على «لا ضرار» و حرمة الإضرار يجوز له التصرّف، و حكومتها عليهما في عرض واحد، بخلاف حكومة قاعدة «لا ضرر» على قاعدة السلطنة في مصداق، و حكومة قاعدة «لا ضرر» على مصداق آخر لتلك القاعدة، فإنّها طوليّة و لا يلزم إعضال، و أمّا حكومة قاعدة «لا ضرر» على الحكم الوضعيّ و التكليفيّ، أو الحكم الإباحيّ و هو جواز تصرّف المالك، و الحكم التحريميّ و هي حرمة الإضرار، فعرضيّة لا مرجّح لإحداهما على الاخرى.
و توهّم: أنّ جواز التصرّف ينتهي إلى التصرّف المنتهي إلى الإضرار، فبينهما التقدّم و التأخّر، و لو كان في محلّه، إلّا أنّ قاعدة «لا ضرر» بالنسبة إليهما على حدّ سواء؛ لأنّه لا نظر لها بعد التطبيق، بل الكلّ في مرحلة الجعل و التشريع مورد الملاحظة و التحكيم و التقييد، كما هو الواضح الظاهر.
و على هذا تصل النوبة إلى الاصول الاخر، و قد عرفت المناقشة في ثبوت السلطنة و الجواز الإباحيّ على الإطلاق [1]؛ لأنّ قاعدة السلطنة غير مسندة، و بناء العقلاء له القدر المتيقّن.
نعم، في مورد وقوعه في الضرر لا يبعد بناؤهم، و هو مقتضى الاصول المحلّلة العامّة و حديث الرفع. و لا يثبت الضمان بعد الشكّ في تحقّقه.
اللهمّ إلّا أن يقال: بثبوت الإطلاق في أدلّته، فهو موسّع في التصرّف ضامن، كما في موارد الاضطرار إلى أكل مال الغير، فتدبّر.