لو تزاحم الضرران؛ بأن يكون التصرّف منتهيا إلى ضرر الجار، و تركه منتهيا إلى ضرر المالك، و تحمّل الماء الموجود في ساحة الدار منتهيا إلى ضرر الجار، فيلزم من تصرّفه في داره- بحفر البالوعة و البئر- ضرر على الجار، و تصرّفه في الماء- بإجرائه إلى البئر الموجودة- ضرر على نفسه، بعد كون إبقاء الماء في ساحة الدار أكثر ضررا عليه.
و هذا التقريب هو القدر المتيقّن من تزاحم الضررين؛ بناء على أنّ ترك التصرّف ليس موضوعا لحكم شرعا؛ لما عرفت، فلا حكومة للقاعدة على السلطنة بالنسبة إلى جواز ترك التصرّف، لأنّه حكم ناشئ عرفا أو عقلا من تجويز التصرّف.
اللهمّ إلّا أن يقال: إنّ الإباحة و الجواز بالنسبة إلى الطرفين مجعول شرعا، كما ربّما يقال في الإباحة و الحلّية الشرعيّة.
و من الغريب ملاحظة الشيخ الأعظم (رحمه اللَّه) جميع العباد عبدا واحدا في هذه المسائل، أو قصّة دخول رأس البقرة في وعاء، و غير ذلك من الأمثلة [1]!!
و هكذا يتوجّه إليه و إلى غيره موارد توارد الضررين و التزاحم في مثل التولّي من قبل الجائر و تركه، فإنّه لا حكم شرعيّ لعنوان الترك كما عرفت.
فبالجملة: في المثال المذكور إذا كانت قاعدة السلطنة محكومة بقاعدة «لا ضرر» يلزم أن يتضرّر المالك، و لازمه حدوث مصداق آخر لقاعدة «لا ضرر» الحاكمة على الاولى، نظير القضايا الحقيقيّة الانحلاليّة.
و يمكن دعوى: أنّه لا معنى له عرفا، و إن كان يمكن عقلا.
[1]- رسالة في قاعدة نفي الضرر، ضمن المكاسب: 374/ السطر 31.