في صورة تزاحم «لا ضرر» و «لا حرج» في المسألة المذكورة، يجوز دعوى: أنّه لا معنى لجريان قاعدة «لا حرج» إلّا بعد جريان قاعدة «لا ضرر» الحاكمة على قاعدة السلطنة؛ ضرورة أنّ التصرّف موضوع للحكم الإلهيّ و هو الجواز، و أمّا ترك التصرّف فلا حكم له، و ليس مفاد قاعدة السلطنة إلّا جواز مطلق التصرّف، و لازمه العقليّ جواز الترك، كما في الأحكام التكليفيّة، فإنّ ترك الواجب ليس محرّما شرعا، أو ترك المحرّم ليس واجبا إلّا بدرك العقل، كما أوضحناه في محلّه [1]، فترك التصرّف ليس موضوعا للحكم؛ كي تكون القاعدة حاكمة عليه، فاغتنم.
فعلى هذا، مقتضى قاعدة السلطنة جواز حفر البئر و البالوعة، و مقتضى حكومة قاعدة «لا ضرر» عليها رفع الجواز و الإباحة، و عند ذلك يقع المالك في الحرج، فالقواعد الثلاث طوليّات، و تقدّم الثالثة على الثانية المتقدّمة على الاولى.
و لو قيل: يلزم التسلسل؛ لأنّ إطلاق قاعدة «لا حرج» ضرريّ في المسألة، فيكون محكوم قاعدة «لا ضرر».
قلنا: يمنع جريان قاعدة «لا ضرر» في هذه الصورة بعد كونها طوليّات في الابتداء، فليتأمّل جيّدا.