و ربّما يكون محذوفا، مثل «لا حول و لا قوّة إلّا باللّه» فإنّ المحذوف كلمة «بشي».
و هكذا «لا صلاة إلّا بالطهور» و أمثالها، نحو «لا عمل إلّا بالنيّة».
و قول سيبويه في «لا إله إلّا اللّه»: أنّ لا نفي تامّ [1] في غير محلّه، و قد مرّ تفصيله في المجلّد الأوّل في بحث مفهوم الحصر [2]، و لو كان فتكون كلمة «إلّا» بمعنى غير؛ أي «لا إله غير اللّه». و قوله: لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ[3] من المشاكل الأدبيّة.
و على كلّ تقدير: «لا ضرر و لا ضرار» يشبه أن يقال: «لا رجل و لا رجال» فإنّه ينتقل الذهن إلى الوجود الخارجيّ، فيكون- بعد الوثوق بصدوره مستقلّا- المحذوف أمرا عامّا كلّيا محيطا شاملا.
إن قلت: مجرّد استئناس وروده مستقلّا غير كاف، بل لا بدّ من قيام الحجّة الشرعيّة عليه، و إلّا فالقدر المتيقّن- سواء كان النفي الحقيقيّ، أو الاستعماليّ- هو الخبر المناسب لقصّة سمرة.
قلت: بعد ما ذكرنا من الشواهد يحصل الوثوق بصدوره مستقلّا، و لا سيّما تذيّل حديث الشفعة، و منع فضل الماء. و أمّا إطالة المتأخّرين حول مناسبة حقّ الشفعة و منع فضل الماء مع القاعدة [4]، فهي أجنبيّة عن مسألتنا، و إنّما كثر في
[1]- لاحظ كتاب سيبويه 1: 421، و شرح الكافية، الشريف الرضي 1: 262/ السطر 6- 8.