موارد مذكورة في الفقه، فالجمع بين الصحّة و استحقاق العقاب غير معقول.
و يشبه أن يقال في مورد الجهالة بالحكم الوضعيّ في شرطيّة القبلة بالنسبة إلى التذكية: إنّه يحلّ اللحم، و لا يجوز تبذيره و إسرافه، و يستحقّ العقوبة على صرفه و أكله. و لا يقاس ما نحن فيه بالاضطرار العمديّ؛ لأنّ النسبة بين تلك الأدلّة و الأدلّة الأوّلية عموم من وجه، كما مرّ تفصيله في الجمع بين الحكم الواقعيّ و الظاهريّ [1].
و قد تصدّى جمع من الأجلّاء لحلّ الإشكال من جهة أنّ الإخلال الجهليّ كالعمديّ، فإنّه يوجب استيفاء المصلحة على وجه غير تامّ، فيكون لازمه تفويت المصلحة غير القابلة للاستيفاء على المولى، مع أنّه غير معذور، و لازمه صحّة العمل؛ إمّا بمعنى موافقة الأمر الثانويّ الطوليّ الترتّبي، كما عن العلّامة كاشف الغطاء [2].
أو بمعنى الأمر الانحلاليّ الطوليّ؛ لطوليّة المطلوب، كما عن العلّامة الأراكيّ (رحمه اللَّه) [3].
أو بمعنى أنّ الصحّة لا تحتاج إلى الأمر؛ لكفاية مطابقته للمطلوب، كما هو ظاهر «الكفاية» [4].
أو لموافقة الأوامر الضمنيّة النفسيّة الهادمة لموضوع الأمر الضمنيّ بالأكثر، كما هو الأقرب على القول بتلك الأوامر الصغيرة، الباطلة عندنا كما عرفت [5].
فالاستحقاق لأجل تفويت المصلحة، لا لأجل الأمر الغيريّ، أو لتعجيز المولى، أو تعجيز نفسه عن الاستيفاء التامّ.
[1]- تقدّم في الجزء الثاني: 312 و ما بعدها، و في الجزء السادس: 250 و ما بعدها.