قلنا: قد مرّ أنّها لا تكون ناظرة إلى تعذير العبد عند ترك الاجتهاد و التقليد، بل هي إمّا إيجاب، أو إرشاد إلى حسنه المجتمع مع كونه مجتهدا و مقلّدا، فليلاحظ ما سبق، و ليس مفادها جعل الاحتياط عذرا عند التخلّف بالضرورة [1].
فبالجملة: في صورة التمكّن من الاجتهاد و التقليد فالاحتياط بالفعل و الترك- و لو كان جامعا للمحتملات المنقدحة في نفسه- ليس حجّة و عذرا، و لا يستحسن.
و لعلّ نظر القائلين بممنوعيّة ترك سلوك سبيلي الاجتهاد و التقليد على الإطلاق- حتّى في التوصّليات- إلى هذا الأمر [2].
بل في صورة العلم: بأنّه لا شبهة في جواز ردّ السلام بالنسبة إلى شخص، و لكن لمكان احتمال وجوبه احتاط قبل الفحص و الاجتهاد، يمكن إجراء الإشكال المذكور؛ لما مرّ من أنّ حجّية العلم ليست ذاتيّة، و ليست عذرا [3]. مع أنّه بعد الالتفات إلى ما ذكرناه لا يبقى له العلم كي يعتذر به.
كما يمكن إجراء الإشكال المذكور إلى المجتهد و المقلّد المحتاطين بعد الاجتهاد و التقليد في خصوص مورد، فإنّه يستند عملهما في خصوص ذلك المورد إلى الاحتياط طبعا، و هو غير قابل لأن يعتذر به.
نعم، إذا أتى بعمل حسب الاجتهاد و التقليد، و بالطرف الآخر حسب الاحتياط، يعدّ معتذرا بالنسبة إلى ترك الواقع؛ لاستناده إلى ما هو الحجّة الإلهيّة.
و تصوّر ذلك في الأقلّ و الأكثر أكثر إشكالا من تقديم الطرف على ما قامت عليه