و ثانيا: لا حاجة إلى هذه المسألة هنا بعد كون السيرة قديمة واضحة، و بمرأى و منظر من الشرع، و ما أفاده العلاّمة النائينيّ (رحمه اللَّه) هنا لا يخلو من نوع غرابة [1]، و لا شبهة في أنّ السيرة العقلائيّة المعبّر عنها ب «البناء العقلائيّ» سيرة عمليّة احتجاجيّة قائمة على مطلق خبر المتحرّز من الكذب الصادق في القول، و بها يتمّ تمام المراد في المقام.
و مجرّد كونها لبّية، و لها القدر المتيقّن، لا يستلزم الأخذ به بعد سعة دائرتها، كما مرّ في الظواهر [2]، و مرّ [3] في السابق بعض ما يتعلّق بمبادئ السير العقلائيّة، و البناءات العرفيّة، و كيفيّة أمرها.
بحث و تحصيل: في عدم إمضاء السيرة و ردعها
لأحد أن يقول: إنّ وجود السيرة غير قابل للإنكار، و لكن يكفي لعدم كونها مرضيّة إظهار الشرع و لو في خلال آية أو روايات، سواء ارتدع الناس عن ردع الشرع، أم لم يرتدعوا، فلا معنى لأن يترقّب انهدام السير العقلائيّة بمجرّد الردع، كما نرى ذلك في مثل القمار و غيره، فعندئذ نجد الآيات الناهية، و لا سيّما الأخبار الكثيرة المبرزة لعدم رضا الشرع، و لا أقلّ من الشكّ، فعليه إذا وصلت النوبة إلى الشكّ، لا يكفي الدليل العقليّ المزبور، بل لا بدّ من إفادة الأدلّة اللفظيّة، لاحتمال كون الآيات الناهية رادعة لها. و هكذا الأخبار السابقة على كثرة طوائفها.
هذا مع أنّ هنا مشكلة أخرى: و هي وجود الأدلّة الرادعة عن السيرة في