و تكون كاشفيّتها أقوى، لامتناع ذهاب أصحابنا الأقدمين إلى خلافها إلاّ لما كان عندهم، بحيث لو وصل إلينا لاتخذنا سبيلهم، و عملنا به، كما مرّ في تقريب حجّية الإجماع [1]، فكلّما ازدادت الأخبار قوّة، ازدادت الشهرة المخالفة لها قوّة، و تزداد تلك الأخبار ضعفا و فتورا.
ثمّ إنّ من المحتمل قويّا أن يكون المراد من «الإجماع»- كما مرّ في الجهة الأولى من الجهات الخمس في المسألة السابقة [2]- هي الشهرة، و لا يكون المخالف الشاذّ مضرّا بصدق الإجماع، و لا مصطلح جديد له عندنا، و لا عند الآخرين، و لذلك ترى في الروايات إطلاق «الإجماع» على ما هو المشهور [3]، و ذلك ليس إلاّ لعدم تضرّر الإجماع بالشاذّ النادر، و ليس المفهوم اللغويّ غير ما هو المقصود في كتب القوم، و لذلك فسّروه بالاتفاق [4]، مع أنّه قلّما يوجد الاتفاق التامّ الكذائيّ.
فما في كتب المتأخّرين: من البحث عن الإجماع تارة، و عن الشهرة أخرى [5]، غير موافق للتحصيل، فإنّ الشهرة و الاشتهار إذا كانت كثيرة، توجب موضوع قاعدة اللطف، و القول بالدخول، و غير ذلك.
بل قد عرفت منّا: أنّ الإجماع ممّا لا تكاد تحصل صغراه [6]، فيكون ما هو الحاصل هي الشهرة، فالمراد من الإجماعات في كثير من الفروع، ليس إلاّ الاشتهار