و ما هو المرخّص فيه هو فعلها و شربها، و هو إذن، و لا تنافي بين تلك الوضعيّات الحاصلة من الإرادة و هذه، الإذنيّات المتحصّلة من التسهيل و الرضا بالارتكاب.
و أنت خبير بما فيه من المصائب، و قد أشرنا فيما سبق إلى أنّ الفقيه اليزدي (رحمه اللَّه) و إن التزم بأنّ الواجبات ديون بدليل آخر، لا بنفس الأدلّة الأوّليّة [1]، و العلاّمة الحائري و إن أشار في «درره» إلى اشتغال الذمّة في مسألة تنجيز العلم الإجماليّ [2]، إلاّ أنّه- مضافا إلى عدم تماميّته في حدّ نفسه- لا تنحلّ به المعضلة بالضرورة، ضرورة أنّ اعتبار الوضع على العهدة باعتبار لزوم الإفراغ، و لو رخّص الشرع- على خلاف درك العقل- في لزوم الإفراغ، يلزم منه لغويّة اعتبارها في الذمّة، و هو مشكل آخر، فتدبّر.
و بالجملة: ذكرنا في محلّه أنّ هذه المقالة ترجع إلى الدور، أو التسلسل [3]، و لا تنحلّ بها المعضلات هنا، و لو انحلّت المعضلات الأولى فلا تنحلّ به المعضلة الرئيسة، كما أشرنا إليه [4].
و توهّم: أنّ واقع الأمر هنا هو أنّ الإلزام الواقعيّ دين، و الترخيص ظاهريّ، و لا تنافي بينهما بحسب الواقع و حال المولى، و لا بحسب حال العبد:
أمّا بحسب الواقع و حال المولى، فلاختلافهما في المتعلّق، كما في «الكفاية» [5].
و أمّا بحسب حال العبد، فلأنّه إن وصل إليه الواقع فهو، و إن لم يصل إليه الواقع فيكون في سعة، فلا تحيّر، و لا ابتلاء له بالنسبة إلى الضدّين و المتخالفين
[1]- العروة الوثقى 2: 448، كتاب الحج، الفصل الثالث، المسألة 8.