فقيام هذه الأصول مقام القطع الطريقي المحض أو الموضوعي- سواء كان على صفة الطريقية، أو الصفتية- غير صحيح، و لكن قيامها مقامه لأجل الاعتبار الثالث- و هو نعت التنجيز و التعذير- جائز، كما مر في أوائل البحوث [1]، و أشرنا إليه أخيرا [2]، و يأتي من ذي قبل إن شاء اللَّه تعالى [3].
و بالجملة: بهذا المعنى يترتب على مجرى القاعدتين، ما يترتب على القطع و لو بالواسطة أو الوسائط، فتدبر جيدا.
الجهة الثامنة: تقريب قيام الأصول العملية مقام القطع
قضية ما سلف منا: أن ما اشتهر: «من أن القطع إما يكون طريقا، أو موضوعا، و على الثاني: إما يكون موضوعا على الطريقية، أو الصفتية» [4] غير تام، لأن من اعتبارات القطع المنجزية و المعذرية، التي تكون من تبعات الكاشفية و الطريقية، و ليست هي عينها.
و لأجل ذلك إذا كان القطع مأخوذا في الدليل بوصف منجزيته، يقوم مقامه الاحتمال الّذي هو منجز في موارد مختلفة، إما عقلا، أو عرفا و شرعا، و لا يعقل قيام الاحتمال مقام القطع مع انحفاظ أنه احتمال، إلا فيما إذا كان القطع مأخوذا على هذه الجنبة و الصفة، فلو ورد: «أن الخمر المعلومة حرام» يقوم مقامه احتمال الخمرية، بناء على كونه من الشبهات المهتم بها، و كان المراد من «العلم» صفة تنجيزه.