و أمّا إذا كانت وحدة الحكم غير معلومة، فالمعروف بينهم أنّهما غير متخالفين قهرا، لإمكان الأخذ بهما بالالتزام بتعدّد الحكم إثباتا، من غير حمل المطلق على المقيّد، و لا المقيّد على أمر آخر [1].
و الّذي هو الحقّ عندنا كما مرّ منّا [2] مرارا: أنّ الالتزام بالحكمين التأسيسيّين المستقلّين، غير ممكن في المطلق و المقيّد و إن كانا متماثلين- بأن يكونا تحريميّين أو إيجابيّين- و ذلك لأنّ تعدّد الإرادة التشريعيّة كما لا يعقل عند كون المراد واحدا، كذلك الأمر في صورة كونهما من المطلق و المقيّد.
مثال ذلك: إذا قال المولى «أكرم العالم» فكما لا يمكن إيجاب الإكرام المتعلّق بالعالم ثانيا إيجابا مستقلاّ لا تأكيدا، لامتناع حصول الإرادة التشريعيّة المستقلّة الأخرى إلاّ بتغيير مبادئها و متعلّقها، و مع وحدة المبادئ و المصالح أو المفاسد لا تحصل الإرادة الأخرى الابتدائيّة، و مع وحدة متعلّق الإرادة لا تكون الإرادة الثانية إلاّ واردة على محطّ الأولى، فتكون تأكيدا، ضرورة أنّ تعدّد الإرادة التشريعيّة بتعدّد موردها و متعلّقها، لأنّ تشخّصها بتشخّصه، كما تحرّر في محلّه [3].
كذلك الأمر إذا قال: «أكرم العالم» ثمّ قال: «أكرم العالم العادل» لأنّ فيما يتّحد متعلّق الإرادة تصير هي واحدة، فتكون الإرادة بالنسبة إلى ذلك المورد من قبيل التأكيد، فلا يكون هناك إلاّ حكم واحد، فعلى هذا لا يخلو الواقع من أحد أمرين: إمّا يكون جدّه في إكرام العالم العادل، أو إكرام العالم، و يكون قيد العادل