مثلا: لا يجوز التمسّك بقوله تعالى: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ[1] لرفع الشكّ في حلّية الذبيحة، أو الموطوءة، أو بهيمة الغير [2]، و لا يجوز التمسّك بقوله تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ[3] لرفع الشكّ في حلّيته لأجل نجاسة الصيد بملاقاة الكلب، و ما ذلك إلاّ لأجل أنّ المولى ليس في مقام بيان الحكم إلاّ من ناحية معلومة، لا مطلق النواحي، فلا تخلط.
و بالجملة تحصّل: أنّ اتصاف الكلام بالإطلاق المزبور يحتاج إلى الجهات الخارجيّة، و لا يكون الإطلاق المتمسّك به في الجمل التصديقيّة من الخارج المحمول و الذاتيّ، فإذا كان لطريانه على الكلام علّة خارجيّة قطعيّة، فقد اختلفوا في تلك العلّة، هل هي أمر واحد، أم مركّب من أمور ثلاثة، أم أربعة؟
المقدّمة الأولى:
فمنها: أي من المقدّمات التي ربّما تذكر في المقام، هي أن يكون الموضوع ممّا يمكن فيه الإطلاق و التقييد، و قابلا لهما، كالانقسامات السابقة على لحوق الحكم و وروده، و أمّا الانقسامات اللاحقة- كقصد القربة، و اعتبار العلم و الجهل بالحكم- فهي ممّا لا يمكن فيها الإطلاق و التقييد، فلا مجال فيها للتمسّك بالإطلاق [4].
أقول: قد فرغنا عن ذلك فيما سبق، و تحرّر منّا أنّ منشأ هذا التوهّم توهّم: أنّ بين الإطلاق و التقييد تقابل العدم و الملكة، و علمت أنّ على فرض تماميّة التقابل