المراجعات البدويّة إلى الأخبار و الأحاديث الشريفة، مع ما فيها من المخصّصات الكثيرة و القرائن الشائعة، يحصل علم إجماليّ آخر أقوى من الأوّل في اشتمال البقيّة على المخصّص و المقيّد، و هذا ممّا لا يمكن تكذيبه وجدانا، و مع عدم العثور عليه فلا ينحلّ.
مثلا: إذا علمنا بأنّ في عشرة آلاف حديث عامّ ألفا مخصّصة، فإذا رجعنا إليها أصبنا في الألف الأوّل منها ذلك الألفَ المخصّص، فلا بدّ و أن نعلم ثانيا و يشتدّ العلم به و هكذا، فلاحظ جيّدا، فإنّ الوجه ما عرفت سابقا.
تتميم البحث: حول العلم الإجماليّ بوجود المخصّصات
قد تبيّن: أنّ البحث حول العلم الإجماليّ المزبور كان من جهات:
الأولى: في أصل تنجيزه.
الثانية: في انحلاله.
الثالثة: في أنّ الفحص عن المخصّص مع عدم العثور عليه، لا يوجب الخروج عن أطرافه حتّى يجوز العمل بالعامّ، و ذلك لأنّ من المحتمل وجود المخصّصات الكثيرة غير الواصلة إلينا و الضائعة في العصر الأوّل، كما هو المعروف في أصول ابن أبي عمير و غيره، فيبقى الإشكال بحاله.
أقول: هنا بحثان:
الأوّل: لو سلّمنا صحّة ما قيل، فهل يلزم الاحتياط في العمل و الإفتاء، أم يستكشف به عدم وجوب الفحص، أو يعلم به: أنّ العلم الإجماليّ المزبور لا ينجّز، كما مرّ في الجهة الأولى [1]، و الأمر هنا أوضح؟
لا إشكال في عدم إمكان الالتزام بالأوّلين، فيتعيّن الثالث، بمعنى أنّ العلم