النزاع في بحث الإجزاء في المواقف الثلاثة الأخيرة، ليس حول مفاد الأدلة تصديقا، بل الجهة المبحوث عنها هنا هو البحث الإثباتي التصوري، بمعنى أنه إن كان مفاد الأدلة في أبواب الاضطرار كذا، فلا بد من القول بالإجزاء، و إن كان مفادها كذا، فلا بد من القول بعدمه، و إن كان كذا فيفصل بين الأداء و القضاء و هكذا، فما ترى من البحث حول الأدلة إثباتا، في غير محله، لأن تصديق أحد الاحتمالات يحتاج إلى مئونة زائدة على المسألة الأصولية.
ثم إن البحث أيضا، ليس إلا بعد الفراغ عن كون المأمور به الاضطراري، مورد الأمر الاضطراري واقعا، لا تخيلا و توهما، فإنه إذا كان القول بعدم الإجزاء لعدم تحقق الأمر الاضطراري بموضوعه، فهو خارج عن محل الكلام.
فما هو مورد البحث و النزاع: هو أن الإتيان بفرد الطبيعة الناقص، مع كونه متعلق الأمر واقعا و حقيقة، و يكون واقعيا ثانويا، يكفي عن الواقعي الأولي، أم لا، فما يظهر من بعض من الإشكال بعدم الإجزاء، لأجل أن الاضطرار المسوغ هو الاضطرار المستوعب، فهو في غير محله، كما أفاده المحقق الوالد- مد ظله و أدام اللَّه وجوده- [1]، فالبحث هنا بعد فرض كون الموضوع محققا، أو بعد تصديقه فقها.
و مما يشهد على ما عرفت: أن البحث في هذا الموقف بعد الفراغ عن الموقف الأول، و كان المفروض هناك سقوط الأمر الاضطراري بمصداقه و متعلقه، فلا ينبغي الخلط بين الجهات كما خلطوا.