اعلم: أن هذه المسألة في الحقيقة تذييل للمباحث السابقة، و ذلك لأن البحث هنا حول أن الأمر إذا كان محفوفا بما يصلح للقرينية، هل يستفاد منه أيضا الوجوب و النفسيّة و العينية و التعيينية و غيرها، أم لا؟
و بعبارة أخرى: ليس الجهة المبحوث عنها هنا أمرا جزئيا، و بحثا خاصا بالأمر الواقع عقيب الحظر، بل الجهة المقصودة معنى أعم من ذلك، و من الهيئة المقارنة لما يصلح للقرينية على خلاف ما يستفاد منها إطلاقا، ضرورة أنه مع وجود القرينة على الندب و الغيرية و غيرها، يحمل عليها، و مع عدم القرينة يحمل على الوجوب و النفسيّة ... إلى آخره.
و إذا كان في الكلام ما يصلح للقرينية على الندب و الغيرية، كقوله: «اغتسل للجمعة و الجنابة» فإن الجنابة قرينة على أن الهيئة في الجمعة غيرية، بناء على مفروغية استفادة الغيرية منه، و أن غسل الجنابة ليس مطلوبا نفسيا.
و من هذا القبيل الأمر الواقع عقيب المنع التحريمي، أو التنزيهي، أو الواقع عقيب توهم المنع، كقوله تعالى: وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا[1].
فبالجملة: المقصود بالبحث كلي لا يختص بالوجوب، بل يشمل النفسيّة و أخواتها، و لا يختص بكون الأمر عقيب الحظر، بل يشمل كل ما كان في كلام صالحا للقرينية على مقابلاتها.