فتحصل إلى هنا: أن الهيئة الموضوعة للتحريك الاعتباري الأعم من النفسيّ و الغيري، لا ينصرف إلى أحدهما المعين إلا بالدليل و القرينة، سواء أمكن جعل الجامع بها، أم لم يمكن جعله بها.
و إن شئت قلت: التحريك الاعتباري بالحمل الشائع و إن لا يكون جامعا ذاتيا بين النفسيّ و الغيري، و لكن النفسيّة و الغيرية- كسائر الدواعي- تستفاد من القرائن، كما مر في استعمال الهيئة في المعاني المختلفة من غير لزوم المجازية و الاشتراك [1]، فلا يفي مقدمات الإطلاق بكون الوجوب و التحريك، متعلقا بالمطلوب النفسيّ العيني التعييني.
إن قلت: يمكن التمسك بإطلاق دليل ما ثبت نفسيته عند الشك في النفسيّة و الغيرية، فإن معنى احتمال الوجوب الغيري في مثل غسل الجمعة مثلا في قوله:
«اغتسل للجمعة و الجنابة» تضيق وجوب الصلاة به، و إذا كان لدليلها إطلاق فيرفع الضيق، و لازمه العقلائي أن غسل الجمعة واجب نفسي [2].
قلت: هذا غير واف بتمام المطلوب، لعدم ثبوت الإطلاق في جميع موارد الشك. مع أن بناء العقلاء على حملها على النفسيّة مطلقا، من غير النّظر إلى حال دليل ما يحتمل غيريته بالنسبة إليه بالضرورة.
مع أن من الممكن احتمال غيريته بالنسبة إلى ما هو المقطوع عدم وجوبه في زمان الغيبة مثلا، كصلاة الجمعة. و في كون بناء العقلاء على كشف حال هذا المشكوك بأصالة الإطلاق في الدليل الآخر كلام، و يمكن الالتزام بأنه أصل عقلائي