لا شبهة فيه، و لا تصل النوبة إلى الاستصحاب، لحكومة البراءة عليه.
و هذا ليس لأجل حكومة الأصل غير المحرز على المحرز، بل هو لأجل دفع الشك الاستصحابي بها، لا رفعه، و بينهما فرق واضح، كما لا يخفى. فما ترى في كلمات العلامة الأراكي (رحمه اللَّه): من حكومة البراءة على الاستصحاب [1]، خلاف الاصطلاح، و الأمر سهل.
و توهم: أن الإتيان بصيغة المجهول، لا يستلزم قصور الدليل في إفادة كون الواجب غير مستلزم للحرام، و غير منطبق عليه عنوان المحرم، و غير متوقف عليه، لاشتراك فهم العرف في مطلق الأساليب، غير بعيد جدا.
ثم إن ثمرة هذا الأصل كثيرة، لأن جمعا من الفقهاء بنوا على الإشكال في شرطية إباحة مكان الوضوء و الغسل، أو إباحة الماء، أو إباحة مكان المصلي، و هكذا من أول الفقه إلى آخره، معللين: بعدم الدليل على التقييد، و لا يقتضي القواعد العقلية ذلك، و نحن بنينا على التقيد لهذا الوجه الوجيه جدا. هذا كله فيما كان المكلف في التوسعة.
و أما إذا كان منحصرا بالمحرم، فيدور الأمر بين الملاكين، و لا بد حينئذ من المراجعة إلى الأهم، و مع التساوي يكون هو بالخيار، و هذا خارج عما هو المقصود بالبحث هنا، فلا تخلط.
إيقاظ: في شمول بحث التوصلي و التعبدي للنواهي
لا يختص الشبهات المزبورة في صدر المسألة بالواجبات التعبدية، بل هي جلها- لو لا كلها- تأتي في المحرمات القربية، كتروك الإحرام، فأخذ قصد الامتثال و الطاعة في متعلق النهي، أيضا محل البحث، فما يظهر من القوم من اختصاص