و البيع هو مبادلة مال بمال، و تلك المبادلة تكوينية إذا كانت في المكان، و اعتبارية إذا كانت في الملكية، و الإجارة مثله، و هكذا النكاح و الطلاق و العتق؛ فإن لكل واحد منها معنى تكوينيا، ثم بعد ذلك اعتبر في المجتمع البشري؛ لإدارة السياسة المدنية و الحكومية، و لحفظ نظام العالم من الوقوع في المفاسد و المهالك المترتبة على الهرج و المرج.
و من هذا القبيل ما مر منا في الوضع، فإنه اعتبار من الوضع التكويني [1]، و هكذا الإنشاء، فإنه اعتبار الإيجاد؛ لأن معناه التكويني إيجاد الشيء، كما في قوله (عليه السلام): «أنشأ الخلق إنشاء» [2].
ثم إن المعتبرات العقلائية أبدية، إلا إذا اضمحلت الأقوام و الأمم، أو زالت الجهات المورثة لحدوثها، و ليست باختيار الآحاد بما هم آحاد، فهي الأمور الموجودة في وعاء الاعتبار، إلا أن نحو الاعتبار قضية تعليقية على نعت الكلي، كما عرفت منا أيضا تفصيله [3].
فلا معنى لتوهم اعتبار الملكية من قبل المالكين، أو اعتبار الطلاق و الزواج من قبل الأفراد و هكذا [4]، بل هذه الأمور- بمعناها الواقعي- ليست اختيارية بيد الأفراد و الآحاد، و الّذي هو باختيارهم أمر اعتبر- بنحو الكلي- سببا لها، و هذا بيد الأفراد و الآحاد؛ و هو عناوين العقود و الإيقاعات، كالبيع و الإجارة و الصلح و هكذا.
و هذه العناوين لها لغات موضوعة لها، فيكون جميع هذه اللغات أسبابا لفظية لتحصل المعتبر العقلائي الّذي هو مفاد تلك اللغات، و هي في الحقيقة موضوعات