و ثالثها: أن ورود هذه النصوص في مقام التأكيد للأصل الأول و هو أصالة عدم تعدد المسبب مع عدم ورود دليل على خلافها مما يكاد يقطع بخلافه، و لا يدعي ذلك إلا مكابر، لوضوح أن هذا ليس كأدلة أصل البراءة، و من الواضح ورودها في مقام ظن التعدد و لزوم الإتيان بمسببات كثيرة. و هذا الظن لم ينشأ عند من نظر بعين الإنصاف إلا من ظواهر أدلة الأسباب، و ليس إلا قوله: (اغتسل للجنابة، اغتسل للزيارة) فإذا كان الظاهر ذلك فعدم ورود دليل من الشارع على التداخل في غير باب الأغسال و نحوه يدل على أن الظاهر متبع، و إلا لزم الإغراء بالجهل و تأخير البيان. و ما في العوائد: من عدم دلالة (الأجزاء) على ذلك، غايته دلالته على جواز التعدد، لا على أصالته، و نحن نقول بجواز التعدد، بل أفضليته [1] كما ترى غير ناهض في الجواب، إذ لا شبهة في أن (الأجزاء) إذا نسب إلى العدد كقولك: (يجزئ واحد) معناه: أن هناك تعددا مطلوبا بنحو ما طلب الواحد، لكن هذا يدل على سقوطه بذلك. و ما فيه أيضا: من منع دلالة رواية زرارة بأنا لا نقول بالتداخل في كل مورد، بل نقول: إن الأصل ذلك، و كم من موارد لم يتداخل فيها الأسباب الشرعية، فكيف جاز أن يقول: حق واحد [2]؟ أيضا في غاية الوهن، إذ في مقام يثبت [3] فيه التداخل إذا عبر المعصوم بلفظ (الحقوق) فما ظنك بموارد الشك التي هي محل الثمرة لهذا الأصل! و بالجملة: إنكار دلالة قوله: (إذا اجتمع عليك حقوق أجزأك عنها واحد [4] على كون كل من الأسباب موجبا لحق برأسه من حيث إنه سبب لا ينبغي أن يصدر ممن نظر بعين الأنصاف، و إلا فلا يخلو كل ظاهر من طريق مناقشة لأهل الاعتساف.