ثم قال: و أما ورود النقل بالتداخل فإنما هو لأجل سؤال الراوي، مع أنه خلط في النزاع، إذ لا نزاع في حصول الامتثال بالتعدد، و لا خفاء لأحد فيه حتى يحتاج إلى السؤال، و إنما الخفاء في الواحد، فهو المحتاج إلى البيان، و أين ذلك من الأصل [1]؟ و لا يخفى على أهل البصيرة، أن صدور مثل هذا الكلام من ذلك المحقق النحرير من الغرابة بمقام! [و لا يخلو من حط نفسه على مدافعة [2] أساطين أهل الفن عن مثل ذلك] [3] فإنه إقرار بأصالة عدم التداخل من دون التفات. و توضيحه بحيث يكون تأسيسا جديدا لهذا الأصل و قلعا لمادة الشبهة: أن حصول الامتثال بالتعدد هل هو لكون ذلك مأمورا به، أو من جهة أن الواجب واحد، و يأتي المكلف بالثاني من عند نفسه؟ لا ريب أن وحدة المأمور به كما هو مقتضى القاعدة على ما زعمه يمنع من قصد الامتثال بالثانية، لأنه يكون بدعة و إتيانا بما لم يؤمر به بقصد أنه مأمور به، فمعرفة الكل بالتعدد و عدم الخفاء فيه لأحد عين الفهم من الدليل عدم التداخل لو خلي و نفسه. و الذي يمكن أن يقال: إنه يجوز أن يكون الامتثال بالتعدد من باب الاحتياط، بمعنى: أن المكلفين بعد ورود السببين يشكون في وجوب التعدد و عدمه، و لكن يعلمون قطعا أن المتعدد مجز و يشكون في إجزاء الواحد، فلا يكون التعدد من حيث هو مأمور به حتى يلزم به التشريع، بل للاحتياط الذي يكفي فيه الاحتمال، و من هنا احتاجوا إلى السؤال. قلت أولا: إن هذا الكلام مبني على أن طريقة الناس في مقام الشك في التكليف كانوا يبنون على الاحتياط و يحتاجون في العمل بالبراءة إلى السؤال بخصوصه. و هذا بعيد عن طريقة العوام، فضلا عن أصحاب الأئمة (عليهم السلام) فضلا عن