نام کتاب : شرح أصول الكافي (صدرا) نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 371
و منها الخلاص من الفتن و الخصومات و صيانة الدين و النفس عن
الخوض فيها و التعرض لاخطارها، و قلما يخلو البلاد عن تعصبات و فتن و خصومات،
فالمعتزل فى سلامة منها.
و منها الخلاص من شر
الناس، فانهم يؤذونك تارة بالغيبة و مرة بسوء الظن و التهمة و تارة بالاقتراحات[1] و الاطماع
الكاذبة التى يعسر الوفاء بها و تارة بالنميمة او الكذب.
فربما يرون او يسمعون
منك من الاعمال و الاقوال ما يبلغ عقولهم فيه فيتخذون ذلك ذخيرة عندهم لوقت يكون
فيه فرصة للشر، فاذا اعتزلتهم و ما يعبدون من دون اللّه استغنيت عن التحفظ عن جميع
ذلك.
و منها الخلاص من مشاهدة
الثقلاء و الحمقى و مقاساة اطوارهم و اخلاقهم و كلماتهم الركيكة الباردة، فان رؤية
الثقيل هو العمى الاصغر، و قيل للاعشى: لم اعمشت[2] عينك؟ قال: من النظر الى الثقلاء،
قال جالينوس: لكل شيء حمى و حمى الروح النظر الى الثقلاء: و قال الشعبى: ما جلست
ثقيلا قط الا و قد وجدت الجانب الّذي يليه من بدنى كأنه اثقل من الجانب الاخر،
فهذه فوائد العزلة.
و اما فوائد الاختلاط
فهى كثيرة لا تحصى، فان كثيرا من المقاصد الدينية و الدنياوية انما يحصل من
الاستعانة بالغير و الاستعانة بهم انما يكون بالمخالطة معهم، كيف و الانسان كما
قيل مدنى بالطبع لا يتمشى امر دنياه و لا دينه أيضا عند الابتداء الا بالمعاشرة و
المخالطة، فانظر الى فوائدها و الدواعى إليها كم هى؟
و هى كالتعليم و التعلم
و النفع و الانتفاع و التأديب و التأدب و الاستيناس و الايناس و فضيلة الجمعة و
الجماعات و الاعياد و زيارة الاخوان و الصلحاء و رؤية العلماء و اعتياد التواضع و
استفادة التجارب، و الاعتبار بمشاهدة الاحوال و كسب الاخلاق
[1] الاقتراح: ابتداع الشيء من نفسك من غير ان
تسمعه. و اقترح عليه بكذا: تحكم و سأل من غير روية.