نام کتاب : شرح أصول الكافي (صدرا) نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 370
مناجاة الخلق و الاشتغال باستكشاف اسرار اللّه فى خلق الدنيا
و الآخرة و ملكوت السموات.
فان ذلك يستدعى فراغا و
لا فراغ مع المخالطة فالعزلة وسيلة إليه، و لذلك كان رسول اللّه 6 فى ابتداء امره يتبتل فى جبل حراء و ينعزل إليه حتى قوى فيه نور النبوة و كان
الخلق لا يحجبه عن اللّه، فكان ببدنه مع الخلق و بقلبه مقبلا على اللّه تعالى.
قال ابو على بن سينا فى
مقامات العارفين: العارف لا يحتمل الهمس[1]
من الحفيف[2] فضلا عن
سائر الشواغل الخالجة، و ذلك فى اوقات[3]
انزعاجه بسره الى الحق، و اما عند الوصول فاما شغل له بالحق عن كل شيء و اما سعة
للجانبين لسعة[4] القوة، و
كذلك عند الانصراف فى لباس الكرامة فهو أهشّ خلق اللّه بهجة[5].
قال بعض الحكماء: انما
يستوحش الانسان فى نفسه عند الوحدة لخلو ذاته عن الفضيلة فيتكثر حينئذ بملاقاة
الناس و يطرد الوحشة عن نفسه، و اما اذا كانت ذاته فاضلة فيطلب الوحدة ليستعين بها
على الفكرة و يستخرج العلم و الحكمة و يناجى ربه صاعدا بفكره إليه فيصير الحق
جليسه كما حكى عنه تعالى من قوله: انا جليس من ذكرنى، و ليس المراد ذكر اللسان مع
غفلة القلب و هو ظاهر، فالعارف بالحق استيناسه به ألفة بالوحدة معه و العزلة عن
غيره لفضيلة نفسه و كمال عقله، و لذلك قيل: الاستيناس بالناس من علامة الافلاس.
و منها التخلص عن
المعاصى بالعزلة، اذ لا يخلص عنها غالبا بالمخالطة، و هى كالغيبة و الرياء و
السكوت عن الامر بالمعروف و النهى عن المنكر و مسارقة الطبع عن الاخلاق الردية و
الاعمال الخبيثة التى يوجبها الحرص على الدنيا.
[1] العارف له احوال لا يحتمل فيها الهمس(
الاشارات- النمط التاسع).