نام کتاب : رسائل شيخ اشراق نویسنده : شيخ اشراق جلد : 4 صفحه : 87
أن يضعف سلطانها انتقشت النّفس بشيء من الغيب فيكون منه المنام
الصادق؛ إلّا أنّ المتخيّلة لا تزال تنتقل من صورة إلى صورة تناسبها و تشابهها أو
تضادّها[1]: فإن رأت النّفس العدوّ حاكته
المتخيّلة بالحيّة و الذّئب[2]، و إن رأت الملك حاكته ببحر
أو جبل.
فإذا نسيت النفس ما رأت، و بقى في الذّكر ما ينازع[3]
إليه المتخيّلة فيحتاج إلى تعبير فيحدس المعبّر حدسا أنّ هذه المحاكاة عن أي شيء
كان.
(87) و الأنبياء و الفضلاء[4]
المتألّهون يتيسّر[5] لهم
الاطّلاع على المغيبات، لأنّ نفوسهم إمّا قويّة في الفطرة أو يتقوّى بطرائقهم و
علومهم فينتقشون بالمغيبات، لأنّ نفوسهم كالمرايا[6]
المصقولة تتجلّى فيها نقوش من الملكوت. فقد يسرى شبح إلى الحسّ المشترك، يخاطبهم
ألذّ مخاطبة و هو في أشرف صورة. و ربما يرون الغيب بالحسّ المشترك مشاهدة. و ربّما
يسمعون صوت هاتف، أو يقرءون من مسطور.
كلّ ذلك نقوش تسري إلى التخيّل و منه إلى الحسّ المشترك. فالحسّ
المشترك إنّما لا ينتقش من التخيّل[7] في عامّة[8] الأوقات، لأنّ الحسّ المشترك تشغله
الحواسّ الظّاهرة، و المتخيلة يشغلها العقل، فإذا اختلّ الضبط- كما في المنام أو
غيره- تسلّط التخيّل على الحسّ المشترك و لوّح فيه: إمّا صورا جزافيّة[9] كما في أضغاث[10]
أحلام، أو صورا هي محاكاة أمور قدسيّة فتكون مناما صادقا أو وحيا صريحا. و قد
يتّفق للمصروعين و الممرورين، الاطّلاع على بعض المغيبات لقلّة شواغلهم و فساد
آلائهم. و قد يشغل المستنطقون الصبيبان بأمور تحيّر البصر و تدهش الخيال كالقدح
الذي فيه الماء، أو لطخ من سواد برّاق و غيرهما فتقع لنفوسهم بعد حيرة الحواسّ و
ركود التّخيل صور غيبيّة و يطّلعون على أمور صحيحة.
[1] تناسبها ... تضادها: تناسبه تشابهه أو تضادهTA .