نام کتاب : رسائل شيخ اشراق نویسنده : شيخ اشراق جلد : 4 صفحه : 59
بصورة، فإنّ الصورة التي في ذاتك هي بالنسبة إليها «هي»[1]،
فكيف يكون إدراك ما هو غيرك إدراكا لأنانيّتك؟[2]
فذاتك مدركة لنفسها لا بصورة؛ بل لأنّها جوهر مجرّد عن المادة غير غائب عن ذاته. و
قد علمت أنّ المانع عن المعقولية المادّة؛ إذ ما لم تتجرد الصورة عنها[3]
و عن غواشيها لا تصير معقولة.
و واجب الوجود هو واهب الحياة و العلوم، و لا يعطي الكمال القاصر[4] عنه، فهو حيّ عالم. و لا تزيد
حياته و علمه على ذاته، بل هو كونه مجرّدا عن المادة غير غائب[5]
عن ذاته و عن لوازم ذاته[6]. و
«الحيّ» هو الدرّاك الفعّال. و واجب الوجود فعّال لجميع الماهيّات، مدرك لذاته،
فهو حيّ. و مثان[7] العلم
تأتى فيما بعد. و إذا أمكن أن يكون للنفس علم بذاتها لا بصورة، فهو أولى بواجب
الوجود إذ هو أولى بالوحدة و التجرّد منها[8].
فقد دلّت النفس[9] على
مبدعها و على تجرّده عن الأيون و الجهات، و على علمه بذاته كما قيل: «من عرف نفسه
فقد عرف ربه» و النفس جوهر، حيّ، قائم، بريء عن المحلّ و الموادّ؛ فقد دلّ الحيّ
القائم على الحيّ القيّوم و وحدته، كما ورد المثنى في المصحف: «اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ»[10] يثنيه قوله: «الم اللَّهُ لا إِلهَ
إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ»[11] و معنى «الْقَيُّومُ»:
القائم بذاته الذي يقوم به ما سواه؛ و هذا هو واجب الوجود.
(46) و واجب الوجود لا يتّصف بصفة، فإنّ الصّفة[12]
لا يمكن أن تكون[13] واجبة
الوجود لقيامها بمحلّها. ثم كيف تكون الصّفة و صاحبها واجبي الوجود و قد بيّنا أن
لا واجبان في الوجود. و لا يصحّ أن تكون له صفة ممكنة، فيحتاج إلى مرجّح: فإن كان[14] ذاته مرجّحا لها فيفعل و يقبل
بذاته فيكون فيه جهتان قابليّة و فاعليّة، فإنّ جهة الفعل غير جهة