بينهما، و
لم يكن دليل على تقديم اختيار أحدهما، فقد أشكل الأمر في ما لا محيص من حلّه، و
القرعة طريق شرعي إلى حلّ مثله؛ فقد جاء الحديث المعتبر بأنّ القرعة سنّة[1]، و في صحيح منصور بن حازم: أنّ
الصادق عليه السلام قال
فأيّ
قضية أعدل من القرعة إذا فوّضوا أمرهم إلى اللَّه عزّ و جلّ أ ليس اللَّه يقول
فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ[2]
ففيما نحن
فيه و إن لم يكن واقع معيّن لكنّه قد وقع فيه النزاع، و كلّ يجرّ النار إلى قرصه،
فهو شبيه قصّة يونس، التي لم يكن فيها أيضاً واقع معيّن، فساهموا فكان من
المدحضين، فالتقمه الحوت.
إن قلت:
إنّ المشهور لم يعملوا بعموم أدلّة القرعة إلّا فيما عمل بها المشهور، فلا يصحّ
الاستناد هنا إليها ما لم يثبت استناد المشهور هنا إليها.
قلت: لفظة
«قضية» في صحيح منصور دليل على أنّ القرعة تكون قضاء، و أنّها أعدل القضايا، فلا
محالة تختصّ بما كان في البين تنازع، و قد شرّعت لرفع هذا التنازع؛ سواء كان له
واقع معيّن غير معلوم أم لا. كما أنّ لفظة «أعدل» أيضاً شاهد آخر على أنّها طريق
ليس فيه ظلم على أحد، و هو أيضاً يناسب التنازع و تزاحم الحقوق، و مع تقييد
المطلقات بهذا القيد المستفاد من هذه الصحيحة لا بأس بالعمل بها، و لم يعلم أنّ
المشهور
[1] وسائل الشيعة 27: 257، كتاب القضاء، أبواب
كيفية الحكم، الباب 13، الحديث 2.
[2] وسائل الشيعة 27: 261، كتاب القضاء، أبواب
كيفية الحكم، الباب 13، الحديث 17.