و أمّا
النبويان فمضافاً إلى عدم حجّية سندهما و عدم تمامية دلالتهما لاحتمال أن يراد
بهما ما إذا علم كون الشهادة كذباً؛ و لذلك يؤتى بها قبل الاستشهاد يعارضهما نبوي
آخر
خير
الشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها
، و في
نبوي آخر مذكور في «شرح الإرشاد» للمقدّس الأردبيلي
أ لا
أُخبركم بخير الشهود؟
قالوا: بلى
يا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، قال
أن يشهد
الرجل قبل أن يستشهد
فمدحُ
الشاهد في كلامه صلى الله عليه و آله و سلم بأنّه خير الشهداء إذا بادر إلى
الشهادة قبل سؤالها دالّ بالوضوح على قبول شهادته و الترغيب إلى المبادرة فيه. و
لو فرض حجّية سند الجميع لكان الأخيران قرينة على إرادة ما إذا علم كونها كذباً من
الأوّلين كما احتملناه فيهما. و بالجملة: فلا حجّة في النبويين لكي يستدلّ بهما.
و ربّما
يستدلّ بمثل قولهم عليهم السلام
البيّنة
على المدّعى و اليمين على من ادّعي عليه[1]
ببيان أنّ
حقّ إقامة الدعوى للمدّعي و إقامة البيّنة على عهدته، فهو المكلّف و المختار في
إقامتها، فلا يسمع إلّا إلى بيّنة أقامها المدّعى.
لكن فيه:
أنّ أمر إقامة البيّنة و إقامة الدعوى و إنشاء حكم القاضي و إن كان إلى المدّعى
لكنّه إذا تبرّع الشاهد بالشهادة قبل السؤال و ثبت المدّعى بمقتضى عمومات القبول
عند القاضي و طلب المدّعى من الحاكم إنشاء الحكم، فأيّ دليل على عدم جواز استناده
إلى شهادة البيّنة
[1] راجع وسائل الشيعة 27: 233، كتاب القضاء،
أبواب كيفية الحكم، الباب 3.