مسألة 4
لو أجاب المدّعى عليه بقوله: «لا أدري» فإن صدّقه المدّعى فهل تسقط دعواه مع عدم
البيّنة عليها (8)، فله أن يدافع عن نفسه قبال دعوى المدّعى بما يكون
متعارفاً، و لا يوجب تضييع حقّ المدّعى و غيره، و تشخيص ذلك إلى الحاكم، و هو
المصلحة التي يراعيها في الإذن بالتأخير.
(8) لا ريب
في أنّه إذا أقام البيّنة على مدّعاه يثبت بها دعواه و يحكم الحاكم على طبق
البيّنة؛ سواء صدّقه المدّعى على قوله: «لا أدري» أم لا. و الاحتمالات الأربعة
المذكورة مفروضة في صورة عدم إقامة البيّنة.
و بالجملة:
فوجه سقوط دعواه بالمرّة و عدم قابليتها للطرح و التعقيب بعداً، أنّه لمّا كان
المفروض أنّ المدّعى عليه لا يدري بثبوت حقّ عنده، و المدّعي يصدّقه على ذلك و
يقرّ به، فالمدّعي معترف بأنّ وظيفة المدّعى عليه و تكليفه هو الرجوع إلى القواعد
الشرعية من أصل البراءة و استصحابها و حجّية يده الثابتة على ما عنده من الأعيان
المتعلّقة لدعواه فمع كون تكليفه ذلك و اعتراف خصمه به فلا وجه لبقاء دعواه.
و لكنّه
مبني أوّلًا على عدم طريق شرعاً لفصل هذه الدعوى و حسمها، كما ليس ببعيد.
و يرد عليه
ثانياً: أنّ اعترافه بأنّ وظيفته العملية ذلك لا تنافي اعتقاده بأنّ الواقع خلاف
مفاد هذه الأُصول العملية، و لا انفتاح الطريق له لإقامة الدعوى إذا أنكر المدّعى
عليه أو تمكّن المدّعى من إقامة البيّنة.