اشتغال
ذمّة أحدهما و إن لم يؤثّر في وجوب القيام بأداء ما في الذمّة إذ توجّه التكليف
بالأداء بكلّ واحد منهما بالخصوص مشكوك بالشبهة الابتدائية، و أصالة البراءة قاضية
بعدم المؤاخذة على المخالفة لكنّه لمّا كان المدّعى معتقداً بأنّ له ديناً على
ذمّة أحدهما فله حقّ مطالبة ماله، و المفروض أنّه قد ثبت صدق دعواه بقيام البيّنة
مثلًا فلا محالة لا يرفع اليد عن مطالبة حقّه.
و القاضي
إنّما جعل قاضياً لكي يفصل الخصومة و التدارؤ، و قد قامت البيّنة على أنّ حقّه لا
يتجاوزهما، و هو ثابت على ذمّة أحدهما؛ فلذلك لا طريق للقاضي إلى فصل هذه الخصومة
إلّا أن يحكم عليهما بالقيام بأداء الدين الثابت في ذمّة أحدهما؛ لكي يصل المدّعى
إلى حقّه و ينحسم مادّة النزاع.
فلا بدّ و
أن يؤدّي هذا الدين أحدهما، و لا محالة يمتنع كلٌّ منهما عن الأداء، مع أنّه لا
محيص من أن يؤدّيه أحدهما؛ فيقع بينهما تزاحم في الامتناع، و القرعة سنّة في مقام
تزاحم الحقوق؛ سواء كان التزاحم في جلب نفع أو دفع ضرر، و ما نحن فيه من قبيل
الثاني.
فما نحن
فيه نظير لمورد المساهمة في أمر النبي يونس عليه السلام حيث إنّه كان لا بدّ من
إيقاع أحد في البحر، و كلٌّ يدفع هذا الضرر عن نفسه فَساهَمَ فَكانَ
مِنَ الْمُدْحَضِينَ[1].