محتاج إليه، و قد تقدم ان ملاك و موضوع
جعل الحقوق العامة هو الحاجة، و مجرد كونه فقيرا قبل الدفع زمانا لا يبرر جواز
اخذه، اذ الميزان بالفقر حين الاخذ أي الحاجة الى الحق المدفوع و المفروض انه لا
حاجة بالنسبة للمقدار الزائد، هذا مضافا الى امكان دعوى ان مقتضى الاطلاق المقامي
للآية اعطاء الحق الى الفقير و المسكين بمقدار ما يرتفع به فقره لا اكثر من ذلك،
لان هذا هو الطريقة العرفية في الضرائب و الحقوق المجعولة للفقراء و المساكين،
فتكون الآية دالة عرفا على ان الحد الذي جعل للفقير ما يرتفع به حاجته و فقره لا
اكثر.
الثاني- لو فرض اجمال الآية او اهمالها من ناحية المقدار الذي يعطى
للفقير و المسكين، مع ذلك قد يقال بعدم جواز دفع اكثر من مئونة السنة و لو دفعة
بمقتضى الاصل العملي، و هو استصحاب عدم جعله لمطلق الفقير الاعم ممن يملك مئونة
سنته حين الدفع و من لا يملك، و استصحاب حرمة تصرفه في المقدار الزائد و عدم تملكه
له بقبضه، بل مقتضى اصالة الاشتغال في باب الاموال عند دوران مالكها بين التعيين و
التخيير- كما في المقام- عدم جواز الدفع الّا الى الفقير الذي لا يملك مئونة سنته
حتى حين الدفع، و المفروض ان الآية ليست في مقام البيان من هذه الناحية ليتمسك
بإطلاقها للفقير الذي يملك مئونة سنته بنفس دفع الحق إليه.
هذا و لكن قد تقدم فيما سبق ان مقتضى التحقيق في امثال المقام جريان
استصحاب عدم جعله للعنوان الخاص، و به ينفى حرمة التصرف فيه. و اما استصحاب عدم
جعله للعنوان العام فلا يترتب عليه حرمة التصرف و انما الحرمة تترتب على فرض جعله
للعنوان الخاص لان الحرام هو التصرف في مال الغير لا فيما لم يجعل للمتصرف نفسه،
فراجع و تأمل.
الثالث- التمسك بما جاء في مرسلة حماد المعروفة من (ان الوالي يقسم
بينهم على الكفاف و السعة ما يستغنون به في سنتهم، فان فضل عنهم شيء كان له)