و دورانه بين الاقل و الاكثر و المرجع
فيه هو العام. فبأحد هذه الوجوه الثلاثة يثبت اخذ القيد الثاني في المقام، و لا
يخفى انّ مفهوم المئونة بلحاظ كلا القيدين المذكورين مفهوم نسبي يختلف من شخص الى
آخر و من مكان الى مكان و من زمان الى زمان و من عرف الى عرف، و من هنا قيده السيد
الماتن (قدّس سرّه) بحسب العادة.
و هكذا يثبت: صحة كلا القيدين اللذين ذكرهما السيد الماتن (قدّس سرّه)
في المئونة المستثناة لقوت نفسه و عياله، و لعل هذا لا شبهة فيه كبرويا، الا انه
يمكن ان يقع البحث في بعض التطبيقات التي ذكرها الماتن في المسألة، و المهم منها
اثنان:
1- ما ذكره من شرطية القيدين المذكورين حتى في الاعمال المستحبة و
الراجحة شرعا، فالمئونة و ان كانت لا تختص عنده بالواجبات بالخصوص بل تعم
المستحبات أيضا و لكنه مشروط بان يكون لائقا بشأنه و حاله، فالزائد عليه لا يكون
مئونة و ان كان راجحا شرعا، كمن ليس من شأنه اطعام جميع اهل البلد مثلا فأنه لو
فعل ذلك لم يكن مئونة له و ان كان راجحا شرعا.
و ناقش في ذلك جملة من الاعلام،[1]
بانّ فعل المستحبات و القربات طلبا لحصول الثواب و الجنة من شأن كل مؤمن، فتكون
مئونته لا محالة مهما كثرت و زادت، فالتقييد باللياقة انما يحتاج إليه في غير
الطاعات و الاعمال الراجحة شرعا و التي يأتي بها المكلف طلبا للثواب و الجنة، أي
في الامور الدنيوية لا الاخروية، و امّا في مثلها فكلما جاء المكلف بها اكثر كان
من شأنه و من لوازم إيمانه و مزيد طاعته لمولاه، و لم يكن اسرافا و لا سفها بل
لائقا له بحسب تدينه.