يعني ما حرموا من السائبة و الوصيلة و الحام، و ما حرموا من زروعهم.
قل يا محمّد لهم «آللّهُ أَذِنَ لَكُم أَم عَلَي اللّهِ تَفتَرُونَ!» معناه انه لم يأذن لكم في شيء من ذلک بل أنتم تكذبون في ذلک علي اللّه. و استدل قوم بذلك علي أن القياس في الأحكام لا يجوز. قال الزجاج (ما) في قوله «ما أَنزَلَ اللّهُ» في موضع نصب ب (انزل) و المعني انكم جعلتم البحائر و السوائب حراماً، و اللّه تعالي لم يحرم ذلک و تكون (ما) بمعني الاستفهام. و يحتمل أن تكون (ما) بمعني ألذي و تكون نصباً ب (أ رأيتم). و الرزق منسوب كله الي اللّه لأنه لا سبيل للعبد اليه الا باطلاقه بفعله له او اذنه فيه اما عقلا او سمعاً. و لا يکون الشيء رزقاً بمجرد التمكين لأنه لو کان كذلك لكان الحرام رزقاً، لأن اللّه مكّن منه. قال الرماني:
التحريم عقد بمعني النهي عن الفعل و التحليل حل معني النهي بالاذن.
وَ ما ظَنُّ الَّذِينَ يَفتَرُونَ عَلَي اللّهِ الكَذِبَ يَومَ القِيامَةِ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضلٍ عَلَي النّاسِ وَ لكِنَّ أَكثَرَهُم لا يَشكُرُونَ (60)
المعني أي شيء يظن الّذين يكذبون علي اللّه انه يصيبهم يوم القامة علي افترائهم علي اللّه، اي لا ينبغي ان يظنوا ان يصيبهم علي ذلک الا العذاب و العقاب، و جعل ذلک زجراً عن الكذب علي اللّه. ثم اخبر تعالي «إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضلٍ عَلَي النّاسِ» بما فعل بهم من ضروب النعم «وَ لكِنَّ أَكثَرَهُم لا يَشكُرُونَ» نعمه و لا يعترفون به و يجحدونه، و هذا خرج مخرج التقريع علي افتراء الكذب، و إن کان بصورة الاستفهام و تقديره ا يؤديهم الي خير ام شر!. و افتراء الكذب أفحش من فعل الكذب بتزويره و تنميقه فالزاجر عنه أشد. و قيل: معني قوله «لَذُو فَضلٍ عَلَي النّاسِ» أي لم يضيق عليهم بالتحريم لما لا مصلحة لهم في تحريمه کما ادعيتم عليه. و قيل: