امر اللّه تعالي نبيه صلي الله عليه و آله أن يقول للمكلفين افرحوا بفضل اللّه، و هو زيادة نعمه و انما جاز أن يقول: فضل اللّه، و انما هو من إفضال اللّه، لأنه في موضع إفضال، کما ان النبات في موضع إنبات في قوله «أَنبَتَكُم مِنَ الأَرضِ نَباتاً»[1] و ايضاً فان اضافة الفضل الي اللّه بمعني الملك کما يضاف العبد اليه بمعني انه مالك له. و الفرح لذة في القلب بإدراك ما يحب، و ان شئت قلت: هو لذة في القلب بنيل المشتهي، و قد حسنه اللّه في هذه الاية، فدل علي انه لا يحب الفرحين بمعني البطرين.
و قوله «هُوَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعُونَ» قيل فضل اللّه هو القرآن، و رحمته هو الإسلام «خَيرٌ مِمّا يَجمَعُونَ» من الذهب و الفضة. ذكره إبن عباس و ابو سعيد الخدري و الحسن و قتادة و مجاهد. و من قرأ بالياء عني به المخاطبين و الغيب، غير أنه غلب الغيّب علي المخاطبين، کما غلب التذكير علي التأنيث، فكأنه أراد به المؤمنين و غيرهم. و من قرأ بالتاء کان المعني فافرحوا بذلك ايها المؤمنون اي افرحوا بفضل اللّه، فان ما آتاكموه من الموعظة شفاء ما في الصدور خير مما يجمع غيركم من اعراض الدنيا. و
قال ابو جعفر عليه السلام «بِفَضلِ اللّهِ» يعني الإقرار برسول اللّه و «بِرَحمَتِهِ» الائتمام بعلي عليه السلام «خَيرٌ مِمّا» يجمع هؤلاء من الذهب و الفضة.
و إذا حملت الاية علي عمومها کان هذا ايضاً داخلا فيها.
قُل أَ رَأَيتُم ما أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِن رِزقٍ فَجَعَلتُم مِنهُ حَراماً وَ حَلالاً قُل آللّهُ أَذِنَ لَكُم أَم عَلَي اللّهِ تَفتَرُونَ (59)
قال الحسن: المعني بهذه الاية مشركوا العرب قال اللّه لهم «أَ رَأَيتُم ما أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِن رِزقٍ» أي أرزاق العباد من المطر ألذي ينزله اللّه «فَجَعَلتُم مِنهُ حَراماً وَ حَلالًا»