و قوله: «فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلبِ» ضرب اللّه مثل التارك لآياته و العادل عنها بأخس مثل في أخس أحواله، فشبهه بالكلب، لأن کل شيء يلهث فإنما يلهث في حال الاعياء و الكلال إلا الكلب فانه يلهث في حال الراحة و التعب، و حال الصحة و حال المرض. و حال الري و حال العطش، و جميع الأحوال، فقال تعالي إن وعظته فهو ضال و ان لم تعظه فهو ضال كالكلب إن طردته و زجرته فانه يلهث، و إن تركته يلهث، و هو مثل قوله «وَ إِن تَدعُوهُم إِلَي الهُدي لا يَتَّبِعُوكُم سَواءٌ عَلَيكُم أَ دَعَوتُمُوهُم أَم أَنتُم صامِتُونَ»[1].
و قوله تعالي «ذلِكَ مَثَلُ القَومِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا» يعني هذا المثل ألذي ضربه بالكلب هو مثل الّذين كذبوا بآيات اللّه. و قال الجبائي إنما شبهه بالكلب لأنه لما كفر بعد إيمانه صار يعادي المؤمنين و يؤذيهم، کما ان الكلب يؤذي النّاس طردته أو لم تطرده فانه لا يسلم من اداه.
و قوله تعالي «فَاقصُصِ القَصَصَ» معناه فاقصص علي النّاس ما نبينه لك لكي يتذكروا و يتفكروا فيرجعوا الي طاعة اللّه و ينزجروا عن معاصيه. و قال إبن جريج مثله بالكلب، لان الكلب لا فؤاد له فيقطعه الفؤاد حملت عليه او تركته، شبه من ترك الآيات كأنه لا فؤاد له. و اللهث التنفس الشديد من شدة الاعياء، و في الكلب طباع يقال: لهث يلهث لهثاً فهو لاهث و لهثان.
ساءَ مَثَلاً القَومُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ أَنفُسَهُم كانُوا يَظلِمُونَ (177)
آية بلا خلاف.
التقدير ساء مثلا مثل القوم، و حذف لدلالة الكلام عليه و «أنفسهم» نصب