ب (يظلمون‌) وصف‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌هذا‌ المثل‌ ‌ألذي‌ ضربه‌ و ذكره‌ بأنه‌ ساء مثلا اي‌ بئس‌ مثلا مثل‌ القوم‌ ‌الّذين‌ كذبوا بآيات‌ اللّه‌، و انهم‌ بذلك‌ ‌لا‌ يظلمون‌ ‌إلا‌ أنفسهم‌ دون‌ غيرهم‌، لأن‌ عقاب‌ ‌ما يفعلونه‌ ‌من‌ المعاصي‌ يحل‌ بهم‌ فان‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌لا‌ يضره‌ كفرهم‌ و ‌لا‌ معصيتهم‌ ‌کما‌ ‌لا‌ ينفعه‌ طاعتهم‌ و إيمانهم‌.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ الأعراف‌ (7): آية 178]

مَن‌ يَهدِ اللّه‌ُ فَهُوَ المُهتَدِي‌ وَ مَن‌ يُضلِل‌ فَأُولئِك‌َ هُم‌ُ الخاسِرُون‌َ (178)

«فَهُوَ المُهتَدِي‌» كتب‌-‌ هاهنا‌-‌ بالياء ليس‌ ‌في‌ القرآن‌ غيره‌ بالياء، و اثبت‌ الياء ‌في‌ اللفظ هاهنا جميع‌ القراء. و ‌قال‌ الجبائي‌: معني‌ ‌الآية‌ ‌من‌ يهديه‌ اللّه‌ ‌الي‌ نيل‌ الثواب‌. ‌کما‌ يهدي‌ المؤمن‌ ‌إلي‌ ‌ذلک‌ و ‌الي‌ دخول‌ الجنة فهو المهتدي‌ للايمان‌ و الخير، لأن‌ المهتدي‌ ‌هو‌ المؤمن‌ فقد صار مهتدياً ‌الي‌ الايمان‌ و ‌الي‌ نيل‌ الثواب‌.

و ‌من‌ يضله‌ اللّه‌ ‌عن‌ الجنة و ‌عن‌ نيل‌ ثوابها عقوبة ‌علي‌ كفره‌ ‌او‌ فسقه‌، «فَأُولئِك‌َ هُم‌ُ الخاسِرُون‌َ» لأنهم‌ خسروا الجنة و نعيمها و خسروا أنفسهم‌ و الانتفاع‌ بها. و ‌قال‌ البلخي‌ المهتدي‌ ‌هو‌ ‌ألذي‌ هداه‌ اللّه‌ فقبل‌ الهداية و أجاب‌ اليها، و ‌ألذي‌ أضله‌ اللّه‌ ‌هو‌ الضال‌ ‌ألذي‌ اختار الضلالة فأضله‌ اللّه‌ بمعني‌ خلي‌ بينه‌ و ‌بين‌ ‌ما اختاره‌ و ترك‌ منعه‌ بالخير ‌علي‌ انه‌ ‌إذا‌ ضل‌ ‌عن‌ امر اللّه‌ عند امتحانه‌ و تكليفه‌ جاز ‌أن‌ يقال‌: ‌ان‌ اللّه‌ أضله‌. و ‌قيل‌: معني‌ «مَن‌ يَهدِ اللّه‌ُ» ‌من‌ يحكم‌ اللّه‌ بهدايته‌ «فَهُوَ المُهتَدِي‌» و ‌من‌ حكم‌ بضلالته‌ فهو الخائب‌ الخاسر.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ الأعراف‌ (7): آية 179]

وَ لَقَد ذَرَأنا لِجَهَنَّم‌َ كَثِيراً مِن‌َ الجِن‌ِّ وَ الإِنس‌ِ لَهُم‌ قُلُوب‌ٌ لا يَفقَهُون‌َ بِها وَ لَهُم‌ أَعيُن‌ٌ لا يُبصِرُون‌َ بِها وَ لَهُم‌ آذان‌ٌ لا يَسمَعُون‌َ بِها أُولئِك‌َ كَالأَنعام‌ِ بَل‌ هُم‌ أَضَل‌ُّ أُولئِك‌َ هُم‌ُ الغافِلُون‌َ (179)