و اختلفوا في معني هذه المشيئة فقال الجبائي: المعني لو شئنا لرفعناه بإيمانه و معرفته قبل ان يكفر لكن ابقيناه ليزداد الايمان، فكفر. و قال البلخي هذا اخبار عن قدرته انه لو شاء لحال بينه و بين الكفر و الارتداد، و هو ألذي نختاره لأنا قد بينا ان المؤمن لا يجوز ان يرتد. و قال الزجاج: معناه لو شئنا ان نحول بينه و بين المعصية لفعلنا.
و قوله «وَ لكِنَّهُ أَخلَدَ إِلَي الأَرضِ» معناه سكن الي الدنيا و ركن اليها و لم يسم الي الغرض الأعلي. يقال أخلد فلان الي كذا و كذا و خلد، و بالألف اكثر في كلام العرب، و المعني إنه سكن الي لذات الدنيا و اتبع هواه أي لم نرفعه بالآيات لاتباع هواه. و قيل معني أخلد قعد و يقال: فلا مخلد إذا أبطأ عنه الشيب و مخلد إذا لم تسقط أسنانه- هكذا ذكره الفراء- و من الدواب ألذي تبقي ثناياه حتي تخرج رباعيتاه. و أخلد بالمكان إذا اقام به، قال زهير:
لمن الديار غشيتها بالفدفد كالوحي في حجر المسيل المخلد[1]
و قال مالك بن نويرة:
بأبناء حي من قبائل مالك و عمرو بن يربوع أقاموا فأخلدوا[2]
و قال ابو عبيدة هو اللزوم للشيء و التقاعس فيه و قال سعيد بن جبير معناه ركن الي الإرض، و قال مجاهد: معناه سكن اليها.
[1] ديوانه 268، و اللسان (خلد). و (الفدفد) الفلاة الّتي لا شيء بها.
و قيل: هي الإرض الغليظة ذات الحصي، و قيل غير ذلک و (الوحي) الكتابة و (حجر المسيل) هو حجر صلب يكتبون فيه. [2] الاصمعيات: 323.
نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 5 صفحه : 33