ب (تزيغ) فذكر و ان کان فاعله مؤنثاً لتقدم الفعل. و من قرأ بالتاء جاز أن يکون ذهب الي أن القلوب مرتفعة ب (كاد) فلا يکون يرفع فعلا مقدماً فإذا لم يكن مقدماً قبح التذكير لتقدم ذكر الفاعل کما قبح في قول الشاعر:
و لا أرض أبقل إبقالها[1]
و لم يصح أبقل أرض، و يجوز أن يکون الفعل المسند علي القصة و الحديث يؤنث إذا کان في الجملة الّتي تفسيرها مؤنث كقوله «فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا»[2] و يجوز إلحاق التاء في «كاد» من وجه آخر، و هو أن يرفع «تزيغ قلوب» ب «كاد» فتلحقه علامة التأنيث من حيث کان مسنداً الي مؤنث كقوله «قالَتِ الأَعرابُ»[3] فعلي هذا يکون في «تزيغ» ضمير القلوب، لأن النية في «تزيغ» التأخير.
اقسم اللّه تعالي في هذه الاية- لأن لام «لقد» لام القسم- بأنه تعالي تاب علي النبي و المهاجرين و الأنصار بمعني أنه رجع اليهم، و قبل توبتهم «الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ العُسرَةِ» يعني في الخروج معه الي تبوك. و «العسرة» صعوبة الأمر و کان ذلک في غزوة تبوك لأنه لحقهم فيها مشقة شديدة من قلة الماء حتي نحروا الإبل و عصروا كروشها و مصوا النوي، و قل زادهم و ظهرهم- في قول مجاهد و جابر و قتادة- و روي عن عمر أنه قال: أصابنا عطش شديد فأمطر اللّه السماء بدعاء النبي صلي الله عليه و آله فعشنا بذلك «مِن بَعدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنهُم» و الزيغ ميل القلب عن الحق، و منه قوله «فَلَمّا زاغُوا أَزاغَ اللّهُ قُلُوبَهُم»[4] و منه قوله «لا تُزِغ قُلُوبَنا بَعدَ إِذ هَدَيتَنا»[5] و
کان أبو خيثمة عبد اللّه بن خيثمة تخلف الي ان مضي من مسير رسول اللّه عشرة أيام ثم دخل يوماً علي امرأتين له- في يوم حار- عريشين