اللهلهما قدر شتاهما و بردتا الماء و هيأتا له الطعام، فقام علي العريشين فقال: سبحان اللّه رسول اللّه قد غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر في الضح و الريح و الحر و القر يحمل سلاحه علي عاتقه و أبو خيثمة في ظلال باردة و طعام مهيأ و امرأتين حسناوين ما هذا بالنصف، ثم قال. و اللّه لا أكلم واحدة منكما كلمة و لا ادخل عريشاً حتي الحق بالنبي صلي الله عليه و آله فأناخ ناضحه و اشتد عليه و تزود و ارتحل و امرأتاه تكلمانه و لا يكلمهما ثم سار حتي إذا دنا من تبوك، قال النّاس: هذا راكب علي الطريق فقال النبي صلي الله عليه و آله كن أبا خيثمة، فلما دنا قال النّاس: هذا أبو خيثمة يا رسول اللّه فأناخ راحلته و سلّم علي رسول اللّه صلي الله عليه و آله فقال له النبي صلي الله عليه و آله أولي لك. فحدثه الحديث، فقال له خيراً، و دعا له، فهو ألذي زاغ قلبه للمقام. ثم ثبته اللّه.}
و قيل: إن من شدة ما لحقهم همّ كثير منهم بالرجوع فتاب اللّه عليهم، و قيل من بعد ما کان شك جماعة منهم في دينه ثم تابوا فتاب اللّه عليهم. و قوله «ثُمَّ تابَ عَلَيهِم» أي رجع عليهم بقبول توبتهم «إِنَّهُ بِهِم رَؤُفٌ رَحِيمٌ» إخبار منه تعالي أنه بهم رؤوف، فالرأفة أعظم الرحمة، قال كعب بن مالك الانصاري:
نطيع نبينا و نطيع ربا هو الرحمن کان بنا رؤوفا[1]
و قال آخر:
تري للمسلمين عليك حقاً كمثل الوالد الرؤوف الرحيم[2]
وَ عَلَي الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتّي إِذا ضاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت وَ ضاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم وَ ظَنُّوا أَن لا مَلجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاّ إِلَيهِ ثُمَّ تابَ عَلَيهِم لِيَتُوبُوا إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ (118)