قرأ حمزة و حفص «يزيغ» بالياء. الباقون بالتاء. قال أبو علي النحوي:
يجوز أن يکون فاعل (كاد) احد ثلاثة أشياء:
أحدها- ان يضمر فيه القصة أو الحديث و يکون (تزيغ) الخبر و جاز ذلک للزوم الخبر لها، فأشبه العوامل الداخلة علي الابتداء للزوم الخبر لها، و لا يجوز ذلک في (عسي) لأن (عسي) يکون فاعله المفرد في الأكثر و لا يلزمه الخبر، نحو قوله «وَ عَسي أَن تَكرَهُوا شَيئاً وَ هُوَ خَيرٌ لَكُم وَ عَسي أَن تُحِبُّوا شَيئاً وَ هُوَ شَرٌّ لَكُم»[1] فإذا کان فاعله المفرد في كثير من الأمر لم يحتمل الضمير ألذي احتمله (كاد) کما لم تحتمله سائر الأفعال الّتي تسند الي فاعلها مما لا يدخل علي المبتدأ.
و ما يجيء في الشعر من كاد أن يفعل، و عسي يفعل، فلا يعتد به، لأنه من ضرورة الشعر.
الثاني- من فاعل (كاد) أن يضمنه ذكراً مما تقدم، و لما کان النبي صلي الله عليه و آله و المهاجرون و الأنصار قبيلا واحداً و فريقاً جاز أن يضمر في (كاد) ما يدل عليه ما تقدم ذكره من القبيل و الحزب و الفريق. و قال: منهم من حمله علي المعني کما قال «مَن آمَنَ بِاللّهِ وَ اليَومِ الآخِرِ» ثم قال «وَ لا خَوفٌ عَلَيهِم»[2] فكذلك فاعل (كاد).
و الثالث- من فاعل (كاد) أن يکون فاعلها (القلوب) كأنه من بعد ما كاد قلوب فريق منهم تزيغ و إنما قدم (تزيغ) کما قدم خبر کان في قوله «وَ كانَ حَقًّا عَلَينا نَصرُ المُؤمِنِينَ»[3] و جاز تقديمه و إن کان فيه ضمير من القلوب و لم يكن ذلک من الإضمار قبل الذكر، لأن النية به التأخير. و من قرأ بالياء يجوز ان يکون جعل في (كاد) ضمير الحديث فإذا اشتغل (كاد) بهذا الضمير ارتفع القلوب