آية بلا خلاف.
اللام في قوله «لقد» لام القسم. أقسم اللّه تعالي بأنه «كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللّهَ هُوَ المَسِيحُ ابنُ مَريَمَ» و الكفر هو الجحود لما يجب عليه الإقرار به، و التصديق له. و قال الرماني: هو تضييع حق النعمة بالجحد او ما جري مجراه في عظم الجرم. و لذلك کان من قتل نبياً فهو كافر و ان أقر بجميع نعم اللّه. و عندنا إن قتل نبي يدل علي ان قاتله جاحد لما يجب عليه الإقرار به، و الاعتقاد لتصديقه.
و الّذين يقولون من النصاري: إن اللّه هو المسيح بن مريم هم اليعقوبية، و هم مع ذلک مثلثة، لأنهم يقولون إن الأب و الابن و روح القدس إله واحد.
و غيرهم يقولون: إن المسيح إبن اللّه. و لا يقولون هو اللّه و أجمعوا علي أنه إله.
و قوله: «وَ قالَ المَسِيحُ يا بَنِي إِسرائِيلَ اعبُدُوا اللّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُم» اخبار عن المسيح (ع) أنه قال لبني إسرائيل الّذين كانوا في زمانه «اعبُدُوا اللّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُم» ألذي يملكني و إياكم و إني و إياكم عبيده، و من خلقني و خلقكم «إِنَّهُ مَن يُشرِك بِاللّهِ فَقَد حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ» فالشرك هو الكفر. و إنما يطلق علي من أشرك في عبادة اللّه غيره، و إنما کان كافراً، لأنه جحد نعمة اللّه بإضافتها الي غيره، و زعمه أن غيره يستحق العبادة مع ما ثبت أنه لا يقدر أحد علي ما يستحق به العبادة سوي اللّه تعالي. و الشرك أصله الاجتماع في الملك، فإذا کان الملك بين نفسين، فهما شريكان و كذلك کل شيء يکون بين نفسين، و لا يلزم علي ذلک ما يضاف الي کل واحد منهما منفرداً كالعبد يکون مالكاً