قيل في معني قوله: «وَ لِيُمَحِّصَ اللّهُ» أربعة أقوال:
أحدها- قال إبن عباس، و مجاهد، و السدي: ليبتلي، «وَ يَمحَقَ الكافِرِينَ» بنقصهم في قول إبن عباس، و قال غيره يهلكهم، و قال الفراء: معني «وَ لِيُمَحِّصَ اللّهُ» يعني ذنوب المؤمنين. و قال الزجاج: يخلصهم من الذنوب و هذا قريب من قول الفراء: و قال الرماني معناه «وَ لِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا» ينجيهم من الذنوب بالابتلاء و يهلك الكافرين بالذنوب عند الابتلاء. و أصل التمحيص التخليص في قول أبي العباس تقول محصت الشيء أمحصه محصاً: إذا خصلته. و قال الخليل: المحص الخلوص من العيب، محصته محصاً أي خلصته من کل عيب، و محص الجمل: إذا ذهب و بره يمحص. و جبل محص أي ملص، و محص الظبي، و يمحص إذا عدا عدواً شديدا محصاً، و يستحب أن تمحص قوائم الفرس أي تخلص من الرهل. و تقول: اللهم محص عنا ذنوبنا أي اذهبها عنا، لأنه تخليص الحسنات بتكفير السيئات. و يقال تمحص الفرس:
إذا ذهب شحمه الرديء، و بقي لحمه، و قوته بالضمور. و أصل المحق فناء الشيء حالا بعد حال، و لهذا دخله معني النقصان. و أمحق الشيء امحاقاً. و المحاق: آخر الشهر إذا أمحق الهلال، فلم ير، لذهاب ضوئه حالا بعد حال. و امتحق الشيء و تمحق:
إذا ذهبت بركته بنقصانها حالا بعد حال. و محقه تمحيقاً. و إنما قابل بين التمحيص، و المحق، لأن محص هؤلاء باهلاك ذنوبهم نظير محق أولئك باهلاك أنفسهم، و هذه مقابلة في المعني. و قيل في تمحيص المؤمنين بالمداولة قولان: