فإن لم يدّع كونه مالكاً، بل نفى ملكيّته لذلك المال، غير أنّه في الوقت ذاته، لم يكن ليقرّ به لهما، فحينئذٍ تكون المسألة من مصاديق الصورة الرابعة التي سيأتي حكمها.
و أمّا لو أقرّ لواحد غير معيّن منهما، قيل: يقرع بينهما بلا حلف، و قيل: مع الحلف و قيل:
بالتنصيف بينهما بلا حلف، لمعتبرة السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قال أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه في رجل أقرّ عند موته لفلان و فلان لأحدهما عندي ألف درهم ثمّ مات على تلك الحال، فقال: أيّهما أقام البيّنة فله المال، فإن لم يقم واحد منهما البيّنة فالمال بينهما نصفان.»[1] و هو مختار المحقّق النراقي و النجفي و اليزدي رحمهم الله و غيرهم[2] و ذهب إلى القرعة بدون الحلف العلّامة رحمه الله في القواعد[3] و مع الحلف المحقّق الخميني رحمه الله[4].
أقول: لا بدّ من التفصيل في الجواب و ذلك على أساس أنّ الدعوى، لو كانت على من هي في يده، و كان التنازع و الخصام معه، فبإقراره لواحد منهما، ينتفي موضوع الدعوى طبعاً من أساسه، فكلّ واحد منهما له- إن أراد- أن يستأنف الدعوى على الطرف الآخر.
و ما السرّ في ذلك إلّا لأنّ المدّعى عليه في الدعوى الأولى، كان هو نفسه ذا اليد، الذي أخرجه اعترافه و إقراره بأنّ المدّعى به هو لواحد غير معيّن من المدّعيين، عن كونه مدّعىً عليه.
و بعد ذلك فلا معنى لبقاء الدعوى قائمة مع تبدّل المدّعى عليه، حيث إنّ تشخّصها منوط بتشخّص طرفي الدعوى، فإذا انتفى أحدهما، حينئذٍ تنتفي الدعوى أيضاً.
و أمّا لو كانت الدعوى من الأوّل بين المتداعيين و كان هو- أي الشخص الثالث- خارجاً عنها، كما لو اعترف من الأوّل بأنّ المال ليس له و كانت الدعوى مرفوعة من قبله،
[1]- الكافي، ج 7، ص 58- وسائل الشيعة، الباب 2 من أبواب كتاب الإقرار، ح 1، ج 23، صص 183 و 184.
[2]- مستند الشيعة، ج 17، ص 354- جواهر الكلام، ج 40، ص 409- العروة الوثقى، ج 3، ص 126.