و حصل التنازع و التخاصم بين المتداعيين، ففي مثل هذه الحالة يكون طرف الدعوى، هو الطرف الآخر من المتداعيين لا الشخص الثالث، و عندها تصير المسألة من مصاديق الصورة الرابعة.
و إن أقرّ ذو اليد لواحد معيّن منهما، فيُحكم له لحجّيّة قوله هنا، و للطرف الآخر إقامة الدعوى على المقرّ، على مبنى قاعدة التغريم.
و إن قال: هي لهما، فيكون كما لو كانت في يدهما قضي بينهما نصفين، و أحلف كلّ منهما لصاحبه. أمّا موجب القضاء لهما، فهو الإقرار. و أمّا علّة التنصيف بينهما، فيعود إلى قاعدة العدل و الإنصاف. و حلف كلّ واحد منهما، فهو لكونهما منكرين بالنسبة إلى دعوى الآخر. فإن نكل أحدهما، حينئذٍ يصار إلى أن يكون الكلّ للحالف.
و أخيراً، فإنّه يجوز لكلّ منهما إقامة الدعوى على المصدّق لتغريم النصف الآخر.
الأمر الخامس: في عدم كون المال تحت اليد
هذه الصورة هي ما إذا تخاصم شخصان على ملكيّة مال و لم يكن لأحدهما بيّنة، كما إذا لم يكن المال نفسه موجوداً بين أيديهما، بل و لا في يد شخص ثالث.
و نعني بالمال من قبيل: الذهب و الفضّة و الثوب الملقى على الطريق، كذلك هو من قبيل: الأبنية و العقارات التي لم تكن في يد شخص و لا تحت تصرّفه.
و يصحّ القول مقدّماً: أنّ الواجب على القاضي أوّلًا و قبل كلّ شيء، أن يسعى جادّاً في تحصيل العلم و الاطمئنان، في أن يستفيد من القرائن و الأمارات؛ كأن يسأل منهما و من غيرهما، عن الأشياء و الجهات المختلفة، و عن المستندات و المدارك المكتوبة و غير المكتوبة، طبعاً تلك التي لها دخل في كشف الحقيقة، و مدخليّة في تمييز دعوى الصدق عن الكذب.