آخره، و في التوقيع: «فارجعوا إلى رواة أحاديثنا» مقيّد بالمجتهد، إذ الظاهر المتبادر منه الراوي للحديث المستنبط المستخرج منه الأحكام على الطريق الذي ارتضاه الشارع.»[1] قال في الجواهر بعد نقل الأقوال و الأدلّة و نقدها: «فدعوى قصور من علم جملة من الأحكام مشافهة أو بتقليد لمجتهد عن منصب القضاء بما علمه خالية عن الدليل، بل ظاهر الأدلّة خلافها بل يمكن دعوى القطع بخلافها، و نصب خصوص المجتهد في زمان الغيبة بناءً على ظهور النصوص فيه لا يقتضي عدم جواز نصب الغير.»[2] قال ابن رشد القرطبي: «و اختلفوا في كونه من أهل الاجتهاد فقال الشافعي: يجب أن يكون من أهل الاجتهاد و مثله حكى عبد الوهّاب عن المذهب و قال أبو حنيفة: يجوز حكم العامّي، قال القاضي: و هو ظاهر ما حكاه جدّي رحمه الله في المقدّمات عن المذهب، لأنّه جعل كون الاجتهاد فيه من الصفات المستحبّة.»[3] و قال محمّد بن محمّد القرشي: «و لا يصحّ ولاية العامّي و قول ضعيفٌ عند أبي حنيفة بجواز ذلك، إذا كان يراجع أهل العلم و يحكم بما يقولون.»[4] و الآن نتعرّض للمسألة في ضمن أمرين:
الأمر الأوّل: في اعتبار العلم
لا إشكال و لا كلام، في أنّه يشترط في صحّة القضاء أن يكون القاضي عالماً، عارفاً بالمسائل و الأحكام التي يقضي و يحكم بها حتّى لا يحكم بشيءٍ من غير دراية و معرفة